الحاج الأستاذ محمد ديب حيدر أحمد في ذمة الله

18/1/2013
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

بقلم الأستاذ فادي حسن حيدر (1)

الموت حقٌّ، جعل الله هذه الدنيا ممراً للآخرة، منها نتزود. وفيها نُعطي ونساعد بما حصلّناه من علم ومعرفة ونجتهد في سبيل الإنسانيّة. فما من نفس في هذه المعمورة إلاّ وهي ذائقة الموت، مهما طال العمر أو عظم شأنها أو كثر مالها وولدها.

إنّ الله عزّ وجل أعلّمنا بذلك والحكمة من ذلك وأن الدنيا فانية وزائلة والآخرة هي الباقيّة.

مصداقاً لقوله تعالى:} إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ{ سورة الأحقاف، آية 13 ـ 14.

فجدير بالعاقل أن يستعدَّ للقاء الله تعالى بالأعمال الصالحة حتى يكون سبباً لنجاحه.

كما روى صاحب كتاب تحف العقول أنَّ رجلاً قال لرسول الله(ص): أوصنيّ بشيءٍ ينفعني الله به؟

فقال(ص):[«أكثر ذكر الموت يسلك عن الدنيا وعليك بالشكر فإنّه يزيد في النعمة، وأكثر من الدعاء فإنّك لا تدري متى يُستجاب لك إلى آخر الحديث»(2).

وقال (ص):[« صنائع المعروف تقي مصارع السوء، والصدقة الخفيّة تطفئ غضب الله وصلة الرحم زيادة في العمر وكل معروف صدقة. وأهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة وأهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة وأوّل من يدخل الجنّة أهل المعروف»](3).

وفقيدنا العزيز كان من أهل المعروف في هذه الدنيا. سوف تفتقده بلدته علمات بشيبها وشبابها بمساجدها وناديها. سوف يفتقده كل من عرفه وعمل معه. لقد كان(رحمه الله تعالى)، الأب الصالح والصديق الوفي والخطيب الصادق. إفتقدناه يوم العاشر من شهر مُحرَّم يوم إنتصار الدم على السيف وإنتصار جراحات الحسين وكلماتهQ، على جبروت يزيد بن معاوية وطغيانه.

إفتقدنا به شخصيّة المرحوم والده الحاج حسين حيدر أحمد شخصيّة الأب الناصح الذي كان يأمر بالمحبة والتسامح وصلة الرحم واصلاح ذات البين.

بطاقة تعريف

هو: المرحوم الأستاذ الحاج محمد ديب الحاج حسين حيدر أحمد المولود في علمات عام 1935م.

إنتقل مع والديه إلى الشياح حيث تلقى علومه الإبتدائيّة في مدارسها الرسميّة، ثُمّ إنتقل إلى مدرسة البرِّ والإحسان، طريق الجديدة ـ بيروت. حيث أنهى دراسته التكميليّة عام 1952م. إنتسب بعدها إلى دار المعلمين في بيروت وتخرَّج منها عام 1956م. حيث ألحق بمدرسة الهرمل ومن ثُمّ بمدرسة بدنايل الرسميتين، وأخيراً نقل إلى مدرسة الغبيري الرسميّة للصبيان، حيث مارس مهنة التدريس باللغة العربيّة والتاريخ والجغرافيا، وإلى جانب ذلك كان يعطي دروساً بهذه المواد في مدارس خاصة(الفرير والآداب النموذجيّة في الضاحيّة الجنوبيّة) حتى تاريخ احالته على التقاعد عام 1995، ثُمّ عمل في دور للنشر، كان آخرها في دار ماهر للنشر.

كان المرحوم محمد ديب(أبو هيثم) الذي عرف بإسم المكحل، لجمال عينيه، خطيباً مفوهاً على المنابر وفي مجالسه أديباً محدّثاً في عدّة ندوات تربويّة واجتماعيّة، وعرف بأخلاقه الحميدة المتواضعة، ونشاطه الدائم في العمل الإجتماعيّ والتربويّ، فأحبه زملاؤه وابناء منطقته لاعتداله بمواقفه وآرائه السياسيّة، ولإهتمامه بشؤون بلدته وانمائها.

تزوج عام 1962 من المربيّة الحاجة افتكار خليل حيدر أحمد، وأنجب منها خمسة أولاد وهم: هيثم(مساعد قضائي) وياسر(مهندس) وحسام(مهندس) وأحمد (رجل أعمال في أميركا) وزينه(قاض) زوج النقيب رمزي الحاج.

بعد اصابته مؤخراً بمرض عضال لم يمهله أكثر من شهرين، وافته المنية في الشياح بتاريخ 24/11/2012م، ثُمّ نقل جثمانه الطاهر إلى بلدته علمات، حيث صلّي عليه ودفن في جبانة بلدته التي أحبها طيلة حياته، كان بوداعه جموع غفيرة من أبناء المنطقة ومن معارفه وتلامذته.

رحمك الله يا أبا هيثم وانزلك فسيح جنانه.