لماذا الحديث عن الأستاذ الحاج عبد العزيز بك أبي حيدر؟

16/2/2012
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

الحديث عن الراحل الكبير المرحوم الحاج الأستاذ عبد العزيز بك أبي حيدر بمناسبة ذكرى مرور عام على وفاته(رحمه الله تعالى)، وفي مثل هذه الأيام التي تعصف بالوطن العزيز لبنان هو حديث عن الوطنيّة والشهامة والنزاهة التي إتصف بها الراحل الكريم. وحديث عن الرجولة والأصالة والقيم والمثل العليا للأخلاق التي عاشها ومارسها وطبقها على نفسه وأُسرته الصغيرة.

وقد تكلّمت عنه في كتابي:«التذكرة أو مذكرات قاضٍ» حيث جاء في كلامي عنه:[« لقد سمعت عن ابن عمنا الأستاذ عبد العزيز مُحمّد حمد أبي حيدر منذ نعومة أظافري عن شيوخ العائلة وكبارها في المعيصرة. وأنّه مُجدد مجد العائلات الوائليّة في قريتي الحصون والمعيصرة بعد طول سبات، إذ أنّه قد نجح في وظيفة قائمقام، وعُيّنَ قائمقاماً في قضاء عكار أيام الرئيس فؤاد شهاب سنة 1959م.

وكان أوّل لقاء بيننا في أواخر حياة شقيقه الأكبر المرحوم الأستاذ الحاج حسين مُحمّد حمد أبي حيدر، حيث زرته وهو على فراش المرض في منزله في منطقة سقي فرحت التابعة لقرية الحصون في السبعينيات من القرن الماضي.

لقد تنقل إبن عمنا الأستاذ عبد العزيز «أبو بلال» في مراكز كثيرة في وزارة الداخليّة إلى أن رست سفينته في طرابلس ـ مدينة الميناء ـ حيث شغل مدّة طويلة منصب محافظ شمال لبنان بالوكالة، كما تزوج من سيدة كريمة من آل المرعبيّ في عكار. وأحبّ طرابلس واستوطنها مع أُسرته الصغيرة. كان ابن عمنا من أنزه موظفيّ الدولة اللبنانيّة وأفضلهم على الإطلاق في المحافظة على القوانين المرعيّة الإجراء والسهر على مصلحة الوطن والمواطن، ويشهد له بهذا جميع من عرفه عن قرب.

 

كما أنّه كان يمتاز بمحافظته مع أسرته على الآداب والأخلاق والشعائر الإسلاميّة والإيمان بالوحدة الإسلاميّة والوطنيّة التي لا تفرِّق بين لبنانيّ وآخر إلا بالعمل الصالح.

قام بزيارتي في المحكمة الشرعيّة الجعفريّة في طرابلس يوم الإثنين في 23 أيلول 1991م. ودعاني للغداء في منزله، فلبيت دعوته الكريمة في الأسبوع التالي في 30 أيلول 1991م. وتكررت الزيارات بيننا حيث كان منزله في محلة الميناء في طرابلس، ملتقى الطبقات الراقيّة في شمال لبنان.

وقد تعاونت معه في قضايا كثيرة من أعمال البرِّ والإحسان كان أهمها:

[ 1ـ إنشاء مبرّة المرحوم الحاج حسين مُحمّد حمد أبي حيدر لقراءة القرآن الكريم ومجالس العزاء وأعمال البرِّ والإحسان في شهر رمضان. وذلك بالتعاون مع الورثة الكرام وذلك بوقفيّة ثلاثة عقارات يعود ريعها لهذه الأعمال.

2 ـ إنشاء مركز أهل البيت الإسلاميّ في سقي فرحت ـ الحصون بعقار قدَّمه إبن شقيقه الأستاذ محمد الحاج حمد محمد  حمد أبي حيدر عن روح والده المرحوم الحاج حمد لجمعيّة المبّرات الخيريّة حيث قامت الجمعيّة بوضع حجر الأساس لهذا المشروع في يوم السبت الواقع في الخامس من شهر شعبان 1419هـ. الموافق 13 تشرين الثاني 1999م.

3 ـ المشاركة في تأسيس وإنشاء الرابطة الثقافيّة في جبيل المرخص لها بموجب علم وخبر رقم:103/ أد في 23 آب 1999م. وقد ترأس هذه الرابطة منذ فجرها الأوّل دون منازع.

وغير ذلك من أعمال البرِّ والإحسان(1)].

هذا وإنّ الذكرى الأولى التي أُقيمت في قاعة أنطش مار يوحنا مرقس جبيل والكلمات التي أُلقيت في 13 تشرين الثاني 2011م. والشهادات والكلمات الأخرى التي أوردناها في هذا الملحق من بعض أرحام الفقيد وأصدقائه هي شاهد على ما تقدم من صحة كلامنا حول الفقيد الكبير. ودليل على أن بلاد جبيل هي بلاد الخير والعطاء.

كما أنَّ الكلام عن الأستاذ عبد العزيز بك أبي حيدر وتخصيص ملحق خاص له في العدد السادس من هذه المجلة، تماماً كما خصصنا سابقاً وتكلّمنا في العدد الرابع عن الرئيس أديب علاّم، وفي العدد الخامس عن الرئيس الحاج عبد الله حمود ناصر هو باب من أبواب الوفاء لهؤلاء الأعيان الأعلام. وتذكير للأجيال بهؤلاء الآباء الّذين إنطلقوا من بلاد جبيل والفتوح ليعطوا الدرس تلو الدرس للشباب اللبنانيّ أنّ الإستقامة في الحياة والمحافظة على القوانين المرعيّة الإجراء، واحترام الآخر سواءً كان فرداً أو جمعيّةً أو طائفة هو الذي يصنع مستقبل لبنان ويجعله بمرتبة الدول القليلة في العالم التي تحترم حقوق الإنسان في هذا الشرق.

 

بقلم القاضي الدكتور الشيخ يوسف محمد عمرو