ذكرى عبد العزيز أبي حيدر في قلوب الجبيليين

16/2/2012
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

رئيس بلدية جبيل الأستاذ زياد حوّاط

أصحاب السماحة والآباء الأحباء

أيها الحفل الكريم

إذا كان لبلاد جبيل فضائل عديدة فإنّ أعلاها مرتبة، هي  تلك التي تعبر وتجسد عن عمق الإحتضان والتواصل المتبادل بينها وبين نخبها في الثقافة والإدارة والسياسة والإقتصاد والإجتماع.

فالكلام عن الكبار من بلادي (أي بلاد جبيل) هو كلام عن الإكبار والتكبير.

هو الكلام عن العصاميّة والمناقبيّة والإجتهاد، وعن الوطنيّة والنبل والأخلاق.

هو الكلام عن التآخي والوفاق في الجيرة والجوار وعن حسن التخاطب في الحديث والحوار.

هو الكلام أيضاً عن الكبر والإباء والكرم والسخاء والعلم والأدباء وعن جبيليّة متأصلة ما عرفت إلا كلمة سواء.

من هذه القيم والمزايا والنخب جبل راحلنا الكبير المرحوم عبد العزيز أبي حيدر تربى في بيت جبيلي لبناني من بيوت بلدة الحصون ونشأ من بيئة وهو في طليعة أبنائها الذّين حرصوا على الألفة والتعايش حرصهم على الحياة نفسها وكل ما أوتي به مع أخوته وعائلته وأهله من تجارب وعلم وثقافة وضعوه بتصرف الغيارى من أبناء منطقتهم لمقاومة الشرور والتفرقة  التي عصفت بلبنان واللبنانيين على امتداد عقود من الزمن.

وهو بهذا المعنى كان نصيراً وداعياً للمساحة المشتركة بين كل اللبنانيين ومن كل الطوائف والمذاهب وخاصة في منطقة جبيل التي تجسد نموذجاً عن العيش معاً ولا ولن نفرط به مهما اشتدت الأمور. هذا وعد، هذا قسم، هذا...

لقد عاش المرحوم عبد العزيز حرمان قرى وبلدات بلاد جبيل والحصون في طليعتها فآثر  العلم على الشكوى، ونال منه ما خوّله أن يصبح قائمقاماً  في البقاع الغربيّ وعكار وأن يتبوأ مركز محافظ الشمال بالوكالة وساهم مع نخبة من المثقفين الجبيليين في تأسيس الرابطة  الثقافيّة لبلاد جبيل والتي ترأسها منذ عام 1999م. حتى وفاته.

أيها السادة، أن نستذكر المرحوم في قاعة الأب عمانوئيل خوري في أنطش جبيل لمبادرة ذات دلالات ومعان جبيليّة ووطنيّة متعددة.

على الصعيد الجبيليّ تؤكد على عمق العلاقة المتينة بين طوائف هذه المنطقة من ساحلها إلى جردها ومن شمالها إلى جنوبها وأننا نؤمن بالله الواحد كما نؤمن بوطن واحد.

وتدلُّ أيضاً على ما لعائلته أبي حيدر من مكانة مرموقة ومحترمة عند هذا الصرح والمقام الدينيّ “أنطش” جبيل

أمّا على الصعيد الوطنيّ أيّها السادة فلأنّ أنطش جبيل ليس فقط صرحاً دينياً وحسب إنّما مقام وطني جبيلي وقد لعب دوراً ريادياً في جمع شمل أبناء جبيل واستقبل ذات يوم الإمام المغيب العلاّمة موسى الصدر ودخل كنيستها إماماً وواعظاً وكل يفاخر بهذا  الحدث وما أحوجنا هذه الأيام إلى صور متشابهة.

أيها السادة

يشرفني أن أكون تحدثت الآن بينكم كرئيس لبلديّة جبيل وما تختصر هذه المدينة من تاريخ وإِرث أعتزُّ به كلبناني. إنّما أيضاً لكون عائلتي وعلى إمتداد جيلين تربطها بعائلة المرحوم عبد العزيز أبي حيدر أمتن روابط الصداقة الشخصيّة والتآلف السياسيّ والوطنيّ.

لا يسعني أخيراً إلاّ أن أختم كلمتي بكلام لأمير المؤمنين الإمام عليّ بن أبي طالبQ، حيث قال:

خالطوا النّاس مُخالطةً

إن مُتم معها بكوا عليكم

وإن عشتم حنوا عليكم

رحمه الله ولكم الحياة الطويلة.

 

 الكلمة التي ألقاها سعادته في الإحتفال التأبينيّ لذكرى الراحل الكبير في صالة “أنطش مار يوحنا مرقس” جبيل في 13 تشرين الثاني 2011م.