كلمة العائلة

16/2/2012
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

لنجله المهندس محمد بلال عبد العزيز أبي حيدر

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شكراً للدكتور محمد الجسر ولكلماته الصادقة وعاطفته النبيلة

هنا مرادات دون مصلحة دون حساب وهذا جُلَّ ما كان يرضاه وجُلَّ ما كان يتمناه والدي(رحمه الله تعالى).

شكراً للأستاذ زياد حوّاط، لإشارتك لموضوع النضج وهو لم يكن صدفة بل هو كان عملاً مقصوداً ليتَّمم ما كان يؤمن به وما كان يعمل لأجله. ونحن على عهده سائرون.

شكراً لسعادة النائب هاشم، على فهمك لأسلوبه في الحياة وأسلوبه في العمل ولإشارتك لشيئين أولاً: لزوجته التي عاصرته حلو الحياة ومرّها خمسين عاماً. ولإشارتكم لحرصه ولوعته على العائلة وعلى محيطها وهذا كان شغله الشاغل.

شكراً لمعالي سماحة السيّد فضل الله، لإعادة توجيه البوصلة نحو ماهية الدين وحقيقته، هذا ما كان يفهمه المرحوم الوالد عن الدين، وهذا الذي نفهمه عن الدين وما سوف نستمرُّ عليه إن شاء الله تعالى.

شكراً لممثل غبطة البطريرك ولممثل وزير الداخليّة

شكراً لأصدقائه لمحبيه ولعائلته شكراً لوجودكم فهذا ما كان يصبو له.

كلمتي لم ترق للمستوى الخطابي ولا للمشاعر ولا للكلمات الصادقة التي قلتموها

فأنا أعجز من أن أصفها وأنا أعجز من أن أتكلَّم عنها

هو كان زميلاً متواضعاً وكان زميلاً مُحبّاً كان رفيقاً لبعضنا وكان رفيقاً صادقاً كان صديقاً لبعضكم وكان صديقاً مخلصاً كان جاراً لبعضنا وكان جاراً مريحاً.

كافح يتيماً في صغره طالباً مُثابراً في صباه إدارياً مُخلّصاً في حياته العمليّة

مازج بين العِنادِ فيه موقفه الحقّ مع الرقة في التعامل مع من يحتاجه.

زاوج بين الشدّة على نفسه والمحبة بين عائلته وجيرانه ومزج بين الجدِّية والإحترام والرصانة مع خفة الظل.

تقرَّبَ منه الكثيرون لا لثروته ولا لسلطته ولا لسلطانه بل ما يشعرون به من عزّة نفسه وكرم أخلاقه وسهولة في التعامل وصدق سريرة وحسن معشر.

وُلِدَ في القرية لكنَّ القرية عاشت فيها حناياه كل حياته كانت الضيعة الأساس بالنسبة له والأرض الغذاء بالنسبة له والشجرة الروح بالنسبة له.

رافقته لهجته الجبيليّة الجرديّة طوال حياته بالرغم من أنَّه كان في مُعظم حياته مُتنقلاً ما بين الأصقاع التي ذكرتها.

هذا هو عبد العزيز محمد حمد أبي حيدر

أمّا نحن أبناءُه، فهو يعني لنا أكثر من ذلك بكثير

هو الصَخرةُ التي إتكأنا عليها طويلاً طويلاً ولم يتعب

هو الجدول الصافي الذي تترقرق ماؤه. روانا وأطفأ ظمأنا بالحياة والحب والعلم ولم يتوقف

هو البسمة الرقيقة التي انعشتنا كلما تعبنا ولم تكف

هو السياج الذي حمانا وما إنهار يوماً

هو شجرة السنديان التي شمخت فوقنا وظلّلتنا وروتنا ووفرت لنا الراحة.

شكراً لله عزّ وجل الذي أنعم علينا بهذا الوالد الذي زرع فينا الإيمان ومكارم الأخلاق وحثَّنا على العلم والعمل.

شكراً لله عزّ وجل بأن أعزَّنا بهذا الوالد الذي أكبر أن تُعِّز عليه الدنيا فصال وجال وجدّ وكدّ كي نعيش أعزاء كراماً

الحمد لله الذي منّ علينا بوالد ما بخل علينا بعطاء وما ضنَّ علينا بجُهد

الحمد لله الذي أعزّنا بوالد علَّمنا حبّ الله ومحبة النّاس

الحمد لله الذي منّ علينا بوالد إحترمنا النّاس من خلاله وبسببه

أدعو الله بكلِّ صدق أن يمكننا من إكرامه بأن نرقى بما يتمنى

أدعو الله وبكل صدق أن يمكننا من إكرام والدنا كي نحفظ ثلثه القائم على الإيمان ومحبة النّاس والعمل

أدعو الله وبكل صدق بأن نزيد من تعلقنا بقريتنا ـ الحصون

أدعو الله وبكل صدق أن نكون جديرين بحمل إسمه

لقد كرر مراراً علينا قولين لأمير المؤمنين Q، وكان نهجه وأسلوبه في حياته:

“لقد علمت أن الله يرى عملي فأستحيت، وعلمت أن مصيري الموت فاستعددت”.

وكان يقول قوله الثاني: “يا بُني إنّي ذقت الطيبات كلها، فلم أجد أطيب من العافيّة. وذقتُ المرارة كلها، فلم أجد أمرُّ من الحاجة إلى النّاس. ونقلت الحديد والصخر فلم أجد أثقل من الدين.

فاعلم يا ولدي أنّ الدّهرَ يومان. يومٌ لكَ ويَومٌ عليك. فإن كان لك فلا تبطر. وإن كان عليك فاصبر. فكلاهما عنك سينحسر.

هكذا عاش وهكذا أرادنا أن نحيا أيها السادة

لم أرَ والدي مُتأثراً كما أراه يوماً يتأثر من منظر يتيم ولم يزعجه شيء كرؤية طفل لم يتمكن من متابعة دراسته.

هذان الأمران كانا يُولّدان عنده مرارة هائلة، وعليه بإسم أخوتي فنحن نطلب من سماحة السيّد أن يساعدنا لكي نقوم بما يتوجب علينا تجاه الأيتام ولمزيد من العلم لقد عاش المرحوم والدي لهذين الشيئين

شكراً لمجيئكم وأدعو بكل إخلاص بأن يرحم جميع أمواتكم وأن يوفقكم وأن يسعفنا لكي يتم التواصل الذي عاشه سبعة وثمانين عاماً

شكراً لكم، والسلام عليكم

كلمة العائلة التي ألقاها نجل الفقيد الكبير في “أنطش مار يوحنا مرقس” جبيل في: 13 تشرين الثاني 2011م.