ديوان العشق المباح

20/04/2015
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

للأديب الشاعر الشيخ حسن شاهين

بقلم: القاضي الدكتور الشيخ يوسف محمد عمرو

صدر حديثاً للأديب الشاعر الشيخ حسن علي شاهين ديوانه الأوّل «العشق المباح« من 496 صفحة من القطع الكبير، تجليد فاخر منشورات «Lgroup Egacy» بيروت.

قدّم له الدكتور يحيى الشامي. ومما جاء في تقديمه:«... لقد تابعت مسارك في قصائدك التي حفل بها ديوانك هذا، فلّما تقصّيت دقائق ما خفي أو ظهر من معاني شعرك ومبانيهِ، بان لي مذهبك المفارق تماماً لمدرستين شعريتين معاصرتين، أولاهما: المدرسة المسماة بمدرسة الحداثة، هذه التي اتخذ أصحابها من قصيدة النثر عنواناً لها، وما فتئوا سادرين فيها آخذين بجماليات ما اسموْه سياقاً، وإنْ هو إلاّ سياق التنافر، لا التناغم، وإن شعرُهم إلاّ النثر، وما هو بالشعر..

والثانية: المدرسة المسماة بمدرسة الشعر الحرّ، أو شعر التفعيلة، وهو شعر كان انفجر شكله الإيقاعي منذ عقود، وإني، وإن كنت لا أخفي إعجابي بشعر عدد من ممثليه ورادتِه الأوائل من أمثال السياب. ونازك، فما أراك أنت، يا صديقي، إلاّ إمتداداً لشعر تلك المدرسة التي كان حمل لواءها في مطلع القرن المنصرم كلٌّ من البارودي، وإسماعيل صبري، وشوقي، وحافظ، مدرسة أطلق عليها في حينه، إسم مدرسة الإحياء والتجديد، ومن أبرز خصائصها الحفاظ على قيم وأساليب الشعر المتعارف عليها أحقاباً، والحرص على التجديد في المضمون، لا في الشكل المتمثل بالخروج على مألوف الأوزان، وإنْ من خروج لك على سنن هذه المدرسة شعريّة ثالثةٍ موغلة في القدمِ عنيت مدرسة شعراء أهل البيتi، بحيث أني ما ألفيتك وكفاك فخراً، إلاّ مقتبساً من شمم وكبرياء كلٍّ من الكميت، ودعبل، والسيّد الحميريّ أبرز ممثلي تلك المدرسة الشيعيّة المتقدمة، قبساتٍ، ومن صدق ولائهم، مستروحاً، ولا أزكى، نفحات، لكنّ ما حيّرني أمرُهُ في شعرك هذا يا صديقي هو أني ألفيتك مسرفاً أشدّ الإسراف في استخدامك للبحر الكامل، أحد بحور الشعر الستة عشر، وعجيب أمرك، ما كان أشدّ ولوعك بهذا البحر، وتوفّرك عليه، إذ لقد أحصيت لك من اصل خمس وستين قصيدةً لك أو مقطوعة، هي مجموع ما انتظم في عِقد ديوانك، أحصيت إحدى وخمسين قصيدةٌ أو مقطوعة نظمت على الكامل، أو مجزوء الكامل...»(1).

مع صاحب الديوان:

ومعرفتي بالأخ العزيز والصديق الوفي الشيخ حسن علي شاهين وبالصديقين العزيزين الدكتور حبيب محفوظq والأستاذ سهيل حمادةq، كانت من خلال محكمة الهرمل الشرعيّة الجعفريّة سنة 1997م. حيث كان هؤلاء الثلاثة يمثلون وجه مدينة الهرمل الأدبيّ والثقافيّ والفنيّ في سيرتهم الطويلة في التاريخ والأدب. وقد وفقني الله تعالى بعد الإنتقال من الهرمل إلى محكمة مرجعيون الشرعيّة الجعفريّة للتعرَّف واللقاء الدائم مع صاحب الفضيلة مفتي الهرمل الجعفري العلاّمة الشيخ علي طه ومع الأديب الكبير الدكتور عبد الحافظ شمص وما يمثلان من علم وأدب وفضيلة.

وصديقنا العزيز الشيخ شاهين في ديوانه هذا أعطى للعشق معناه الروحي الخالد بعد أن تحوّل العشق على لسان معظم الشعراء في أيامنا هذه إلى حُبِّ الدنيا وشهواتها.

فأسمعه يقول يا ربْ.

يا ربِّ جئتك مُثقلاً بذنوبي

وصحيفتي ضجَّت بسوءِ عيوبي

فإذا بها تمحى بنظرة راحم

وتصير نوراً عابقاً بالطّيب

لتمسُّكي بمحمّدٍ وبآله أرجو الجنان بمائها المسكوبِ»(2)].

كما كان لشهداء المقاومة في لبنان النصيب الأوفى من شعره.

فأسمعه يقول تحت عنوان، في تاريخ شهيد:

قد كان يومُك شاهداً مشهودا

يا من قضيتَ مجاهداً وشهيدا

يا من رحلتَ إلى الخلود مخلّفاً

يُتماً وثُكلاً لم يَزَلْ موجودا

فَالأمُّ ثكلى ليس يهدأُ حزنُها

وأبوكَ يفقدُ عِقْدَهُ المنضودا

وتركتَ لليُتمِ المُريع ثلاثةً

مثل الورودِ ولا نرى التوريدا

كنتَ الملاذَ لهم وفيضَ حنانهم

فقدوا الحنانَ وأُورثوا التنهيدا

يا من قضى حقَّ الجهادِ «بعاملٍ»

ووقفتمُ ضدَّ العدوِّ أُسودا

وبأرض «بنت جبيل» كم من موقفٍ

حاكيتمُ فيه الكُماةَ الصّيدا

إنَّ المقاومَ لم يزلْ أنشودةً

للمجدِ تُتلى للأباةِ قصيدا»](3).

مع أصدقائه

كذلك كان لأصدقائه نصيب كبير. وقد قدّم لنا أبياتاً جميلة بمناسبة إبراز كتابي «علماء عرفتهم» للطباعة مؤرخة في 31/10/2005م. الموافق في 28 رمضان 1426هـ. حيث جاء بها:

يُغري خيالي عابقُ النفحاتِ

وكتابُ أُنسٍ مُشرقُ الصفحات

بظلال دوحته تفيضُ مشاعري

شعراً يٌناغي الرَّوضَ بالنغماتِ

حيثُ المجالسُ بالعلومِ تضمَّخت

مِسْكاً يضوعُ بأطيبِ النسمات

ولشيخنا من آل عمرو «يوسف»

بيتُ القصيد ودُرَّةُ الأبيات

فلقد تلالت في الكتاب منائرٌ

تهدي وتجلو الهمَّ والكُرُبات(4)».

وقد قمت بعد تقديمه لكتابي الآنف الذكر بوضع هذه الأبيات الجميلة على الصفحة الأخيرة للغلاف الخارجي تعريفاً للكتاب.

كما قدّم لنا قصيدة أخرى بمناسبة تقديمي له نسخة من كتابي الآخرالموجز في علميّ الدراية والحديث» الصادر عن دار المؤرخ العربيّ في بيروت سنة 2001م. جاء فيها:

دُرّرٌ منضَّدة غَلتْ وفرائدُ

وافى كتابُك هل تفيه قصائد

حبرٌ سطور أو عبير عابق

أو روضة بغصونها تتمايد

هبَّت نسائمها ففاح أريجها

فتنزَّلت للعارفين فوائد

إنْ كان يُهدى في الجواب قصيدة

فقصيدتي للصادقين قلائد

أهديت لي سِفراً جليلاً قيّماً

يسمو بعلم للدراية رائد

اتبعته علم الحديث وقد حوى

صُورَ البيان وما عداها الشاهد

حبَّرته علماً مفيداً جامعاً

ليراعك السيَّال بحرُكَ رافد

يا شيخ يوسف في هواك تحيَّتي

فجزيت خيراً والمثيب الواحد

أنَّى جريت فإنَّ مدحيَ قاصرٌ

هو مرجع بالبيّنات يُشاهد

وهو النفيس فكم حوى من دُرَّةٍ

يا ليت شعري من سواك الصائد»(5)].

هذا وإنَّ الشيخ الفاضل حسن علي شاهين بالإضافة إلى إمتيازه بالملكة الأدبية الشعريّة واللغوية التي تكلّم عنها الدكتور يحيى الشامي آنفاً فهو يمتاز أيضاً بإجادته لتدريس العلوم العربيّة والشرعيّة إذ هو أستاذ سابق في معهد الشهيد الأوّل ومدير معهد الإمام الصادقt، في المريجة في ضاحية بيروت الجنوبية. كما كان له يدُ أخرى في التبليغ الدينيّ وفي الكتابة في الصحف والمجلات اللبنانيّة والعربيّة وفي اللقاءات والمؤتمرات. كما له مؤلفات أخرى مخطوطة ومطبوعة، والمطبوع منها: الإسلام والحرية ـ القصيدة الغراء وحديث الكساء. منشورات دار المحجّة البيضاء ـ بيروت ومؤسسة اليراع للرعاية والإبداع، وكتب أخرى قيد الإعداد والطباعة.

الهوامش:

(1) ديوان العشق الحلال، ص 10 ـ 11.

(2) نفس المصدر، ص 81

(3) نفس المصدر، ص 453 ـ 454 ـ 455.

(4) نفس المصدر، ص 27 ـ 28.

(5) نفس المصدر، ص 63 ـ 64 ـ 65.