قراءة في كتاب أضواء على تأريخ الغبيري «الغبيري عوائل وأوائل»

4/1/2016
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

تأليف: الأستاذ ابراهيم وزنه

 بقلم: القاضي الدكتور الشيخ يوسف محمد عمرو

صدر عن بلديّة الغبيري كتاب وثائقي جديد عن مدينة الغبيري قضاء المتن الجنوبي، تأليف الصحفي والكاتب الأستاذ ابراهيم موسى وزنه، طباعة دار بلال ـ الطبعة الأولى 2015م. ويقع في 280 صفحة من القطع المتوسط. وهو مؤلف من مقدّمة وأربعة أقسام.

قدّم له رئيس بلدية الغبيري الأستاذ الحاج محمد سعيد الخنسا.

أـ خصائص هذا الكتاب

وصديقنا الأستاذ إبراهيم موسى وزنه في هذا الكتاب كان السّباق في أمور كثيرة تكلّم عنها تحت أبواب كثيرة منها.

أولاً: أوائل الغبيري حيث بيّن للبنانيين في هذا الكتاب فضل أبناء مدينة الغبيري في علوم وفنون ومواقف وطنيّة كثيرة من خلال وقائع ووثائق وأمور كان فيها أبناء الغبيري الأوائل في لبنان ذكرها بالتفصيل.

ثانياً: إعتبار الغبيري عاصمة للوحدة الإسلاميّة والوطنيّة من خلال تأريخه لعائلاتها الكريمة وسيرتهم في السرّاء والضرّاء خلال أكثر من مائة عام. والقاء الأضواء على تاريخ شخصيّة الإمام الأوزاعيّ q، وعلى مقامه ومسجده الذي تشرَّفت به الغبيري منذ أكثر من اثني عشر قرناً. وهو أوّل مقام لإمام من أئمة المذاهب الإسلاميّة في لبنان إحتضنته الغبيري في ثُراها. وعلى أول حسينيّة بُنيت في الغبيري في أوائل الثلاثينيات من بناء المرحوم الحاج حسين يوسف الخنسا والمعروف بالبعلبكي وهي أول حسينيّة بنيت في جبل لبنان وبيروت. وعن أوّل مسجد بناه أهالي الغبيري بطلب من فضيلة الشيخ أحمد الخليل في عام 1906م. حيث تبرّع بالعقار المناسب أبناء المرحوم ضامن الخليل. وَضَربَ مثالاً على العيش المشترك والوحدة الوطنيّة لأبناء الغبيري والضاحيّة الجنوبيّة هو ما قام به الزعيم الشعبي المرحوم علي حسن ناصر ببنائه مسجداً في محلة الأوزاعي أطلق عليه إسم «مسجد الناصر» ثُمّ قيامه ببناء كنيسة على نفقته الخاصة في محلّه المدورة التابعة عقارياً لبلدية المريجة القريبة من مدينة الغبيري تعزيزاً للوحدة الوطنيّة بين أبناء الضاحيّة الجنوبيّة.

ثالثاً: إشادته بزعماء لبنانيين كبار كان لهم مواقف مشهودة في تاريخ لبنان إنطلقوا من مدينة الغبيري كما تحدّث عنهم، وهم: 1ـ الشهيد عبد الكريم الخليل الذي حكم عليه جمال باشا بالإعدام في ساحة الشهداء 1915م. نتيجة لمواقفه الوطنيّة وهو أوّل محام حقوقي من أبناء الغبيري ينال إجازة بالقانون من جامعة استانبول.

2ـ كلامه عن معالي الوزير نائب جبل لبنان السيّد أحمد الحسينيّ مؤسس المحاكم الشرعيّة الجعفريّة في لبنان.

3ـ وعن أحمد بك البرجاوي محافظ جبل لبنان السابق ومن ثُمّ نائب جبل لبنان والذي قامت بلدية بعبدا بإطلاق إسمه على أحد شوارعها لما قدّمه من خدمات لها ولجبل لبنان وذلك في سنة 1939م.

4ـ وعن النائب السابق عبدالله محمد الحاج الذي شغل منصب رئيس ديوان الملك فيصل الأوّل في بغداد (1928 ـ 1932) ومن ثُمّ كان نائباً في البرلمان اللبنانيّ أيام الإستقلال. وقد عُرِف عنه محبته للفقراء ومحبتهم له حتى لُقِبَّ بأبي الفقراء وسعيَّه الدائم لمدّ الشبكات الكهربائيّة في جميع المدن والقرى اللبنانيّة حتى أنَّ الصحف نشرت وعنونت وفاته عام 1975م. (مات عبدالله الكهرباء). وغيرهم من الشخصيات الكريمة.

4ـ إيراده لبعض الفوائد التاريخيّة الجميلة التي لا يعرفها النّاس، وإيراده لها فيها غنى للمكتبة اللبنانيّة.

منها: ما جاء في الصفحة 182 تحت عنوان:[ « الدخوليّة» مفردة سقطت من ذاكرة التاريخ عند أبناء الضاحيّة، وهي كانت تطلق على نقطة الفصل ما بين العاصمة والغبيري، كان مركزها مكان «دوّار شاتيلا »، ومهمة الدوريّة المرابطة فيها إقتطاع قسائم المرور للراغبين في التوجه إلى بيروت، وبقي هذا التدبير سائداً أيام الإنتداب الفرنسي ولم يُلغ إلا مع نيل لبنان الإستقلال في العام 1943م. والمفارقة عندما دخل المارينز «الأمريكي إلى لبنان في العام 1958م. تمركز في نفس الموقع. وهنا لا بُدَّ من الإشارة إلى أنّ \"دوار شاتيل «سمي بإسم الباشا شاتيلا الذي كان قصره وبساتينه واسطبلاته تقع عند طرف مقبرة الشهداء الحالية عند مدخل صبرا الشرقيّ ».

وهذه «الدخوليّة» كانت مقررة منذ عام 1861 عند قيام متصرفيّة جبل لبنان كفاصل بينها وبين ولاية بيروت العثمانيّة.

وكلامه عن بناء أوّل مطار في لبنان وهو مطار بيروت الدولي على أرض الغبيري. ومن ثُمّ بعد إفتتاح مطار خلدة الدولي تمّ تحويله إلى مدينة رياضيّة بإقتراح وسعي من رئيس الحكومة اللبنانيّة آنذاك الحاج حسين العوينيّ بمساحة 150 ألف متر مربع، كما تمَّ إفتتاحها كأكبر مدينة رياضيّة في الشرق الأوسط من قبل الرئيس كميل شمعون في 12 تشرين الأوّل 1957م. وغيرها من فؤائد جميلة.

وملاحظتنا السريعة على هذا الكتاب ما يلي:

أولاً: كلامه تحت عنوان: « أوائل من الغبيري»

حيث تكلّم عن الأمير رشيد الحرفوش كأول نائب مُعين من قبل حكومة الإنتداب الفرنسيّة عن الشيعة في جبل لبنان في عام 1936م. وسكنه في محلة الطيونة ـ الغبيري. والصواب: أنّ الأمير رشيد الحرفوش قد عُيّن من قبل حكومة الإنتداب نائباً عن الشيعة في بعلبك والبقاع. كما جاء في «إطلالة جُبيليّة» عند الحديث عن الحاج عوض المقداد في العدد السابع الصادر في 15 أيار 2012م. ص 55.

وأمّا نواب الشيعة في جبل لبنان أيام المتصرفيّة والإنتداب الفرنسي فهم: ( 1 الشيخ عبدالله برّو. 2ـ الشيخ حسن صالح همدر. 3ـ السيّد محمد يونس الحسينيّ. 4ـ الشيخ عباس ملحم حمادة. 5ـ الحاج كاظم عمرو. 6ـ السيّد علي الحسينيّ. 7ـ علي الحاج حمود عمرو. 8ـ محمد محسن أبي حيدر. 9ـ السيّد أحمد مصطفى الحسينيّ (1)»).

ومن الذين سكنوا في الضاحيّة الجنوبيّة واستوطنوها هما: 1ـ الشيخ حسن صالح همدر الذي استوطن برج البراجنة وتزوج امرأة من آل منصور وانجب منها الشيخ أحمد، وعلي الصغير وتوفي في برج البراجنة ودفن في جبانة الرادوف ـ برج البراجنة (2).

2ـ علي افندي الحاج حمود عمرو الذي اشترى اراضي في الغبيري قدرها أربعون ألف متر مربع وبنى قصراً جميلاً عليها وهو يقع من الجهة الغربيّة لشارع عبدالله الحاج وقرب ثانوية الغبيري الرسميّة للبنات. واستوطن الغبيري بعد بيعه لقصره وأملاكه في شمسطار.. وكان قصره هذا مركزاً للنشاطات الوطنيّة ضدّ الإستبداد العثماني حيث حكم عليه جمال باشا السّفاح بالإعدام في المحكمة العرفيّة في عالية سنة 1916م. (3). وقد قام نجله عبد الهادي بعيد وفاة والده في أواخر الثلاثينيات من القرن الماضي ببيع هذا القصر والعقار للحاج ابراهيم دندش عوّاد والد النائب السابق الدكتور محمود الذي قام منذ عشر سنوات من تاريخه تقريباً، بهدم ذلك القصر وبناء بناية سكنيّة حديثة مكانه .

ومن خلال ما تقدّم نعرف أنّ نواب الشيعة الّذين مثلوا الشيعة في متصرفيّة جبل لبنان منذ عام 1861م, ولغاية العام 1918م. قبل الوزير السيّد أحمد مصطفى الحسينيّ كانوا ثمانيّة. وكان آخرهم: محمد محسن أبي حيدر من دُعاة الوحدة العربيّة مع زملائه في مجلس المتصرفيّة وضدّ الإنتداب الافرنسيّ والذي قام بفصل لبنان عن سوريا. وقد أرادوا زيارة دمشق لمبايعة الأمير فيصل بن الحسين ملكاً على سوريا ولبنان فاعتقلته قوات الإحتلال الإفرنسي مع زملائه في مجلس الإدارة في صوفر ونفته إلى جزيرة سردينيا الفرنسيّة لمدة ثمان سنوات(4).

وإنطلاقاً من هذا نستطيع القول أنّ علي الحاج حمود عمرو هو أوّل نائب شيعي عن جبل لبنان استوطن الغبيري وبنى بها قصراً جميلاً أواخر أيام المتصرفيّة ومارس بها نشاطاته الوطنيّة ضدَّ الإستبداد العثمانيّ حتى استحق حُكم الإعدام عليه من قبل جمال باشا في المحكمة العرفيّة في عالية سنة 1916م. إسوة بزميله الشهيد عبد الكريم الخليل الذي حُكِمَ عليه بالإعدام سنة 1915م.

ثانياً: ومن العائلات في الغبيري التي لم يأت على ذكرها هم: آل الحسينيّ، آل حيدر أحمد، آل برّو، آل المقداد، آل عمرو، آل أبي حيدر، آل قيس، آل مرجي وجذورهم الجبيليّة الكسروانيّة معروفة. كما لم يذكر العائلات البعلبكيّة واستيطانها الغبيري ومن أهمها آل الموسوي. كما أنَّه عند ذكره لآل همدر ونسبتهم إلى قبيلة همذان ذكر أن همذان مدينة في ايران. والصواب: أن قبيلة همذان يمنية عراقية بنى أفرادها المدن والبلاد وسكنوها. ومن أهمها كانت مدينة همذان الإيرانيّة. ومدينة حمص السورية وغيرها من قرى في البقاع وجبل عامل وجبل لبنان.

ثالثاً: في تأريخ العائلات اعتمد على الذاكرة الشعبيّة ولم يعتمد على المراجع المُعتبرة أكاديمياً وكان ينبغي عليه الجمع بين المصادر.

رابعاً: إنَّ الإنتساب إلى رسول الله w، وإلى آل بيته الأطهار i، شرف عظيم يحتاج إلى تأييد وثائقي من إحدى نقابات الأشراف أيام الدولة العثمانيّة التي كانت موجودة في بيروت وصيدا وبعلبك ودمشق وطرابلس. كما أنّه يوجد أوقاف شرعيّة في سوريا ولبنان من المحسنين الكرام من السُنّة والشيعة على الأرامل والأيتام والفقراء من ذريّة الحسن والحسين o، الّذين هم موضع إعتراف من نقابات الأشراف الآنفة الذكر. وهي تحت عنوان وقف الأشراف وغيرها من عناوين.

كما أنّ علماء جبل عامل كتبوا عن الأسر والعائلات التي تنتمي إلى رسول الله وأهل البيت i، بالتفصيل ومن هذه المصادر المُحترمة: «أمل الآمل في تاريخ علماء جبل عامل» للحرّ العامليّ، «أعيان الشيعة وخطط جبل عامل» للإمام السيّد محسن الأمين، «جبل عامل في التاريخ» و «حجر وطين» للعلاّمة المرجع الشيخ محمد تقي الفقيه، و «مدن وقرى جبل عامل » للعلاّمة الشيخ ابراهيم سليمان، وغيرها من مصادر. كما يحتاج جميع ما تقدم من قول إلى الشهرة والتواتر في بلد صاحب الدعوى والقرى المجاورة عند فقهائنا المراجع، حتى يترتب عليه الآثار الشرعيّة لهذه الدعوى. وهذه الأمور الآنفة الذكر. لم تتحقق لآل وزنه الكرام ولا لغيرهم من العائلات التي إدعت ذلك في القرن العشرين وهذا مما لا يعلمه أجدادهم أو علماء جبل عامل.

والتشابه بالأسماء وإعطاء إفادات من بعض علماء ايران والعراق غير مُفيد وغير مُرّجح عند علماء التاريخ أو الأنساب أو علماء الرجال؟؟؟. وخير مثال على ذلك على ما أقول هو: آل نور الدين في مدينة جويا هم عشيرتان إحداهما: سادة أشراف ذكرهما علماء جبل عامل بالإحترام والتقدير وصحة النسب الشريف والأخرى ذكرها علماء جبل عامل بالإحترام والتقدير وهم ليسوا بسادة. راجع كتاب: « حجر وطين » ج4، ص 17 ـ 18 ، للعلاّمة المرجع الشيخ محمد تقي الفقيه العامليّ (قده).

خامساً: إنّ العلاّمة المرجع الشيخ محمد تقي الفقيه في الجزء الرابع من كتابه «حجر وطين » الآنف الذكر وفي الصفحتين 17 و 18. قد كشف اللثام وأوضح البيان عن أمور كثيرة ينبغي الإطلاع عليها في هذه القضيّة.

سادساً: لقد أجاد المصّنف في الصفحات الأخيرة من كتابه تحت عنوان: الغبيري قبلة العلماء وخزان المقاومين والشهداء. ولكنه لم يخصص لها الاّ ست صفحات. وهذا غُبن وإهمال لتاريخ الشيعة في لبنان إذ كانت الغبيري تمثلُ المرجعيّة الدينيّة عند المسلمين الشيعة في سوريا ولبنان من خلال استيطان الإمام السيّد محسن الأمين بها وكذلك أتى بعده وسكن واستوطن في الغبيري آية الله الشيخ حسين معتوق، وآية الله السيّد عبد الرؤوف فضل الله، والعلاّمة المرجع الشيخ محمد تقي الفقيه، والعلاّمة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله وغيرهم من الأقطاب الكبار كآية الله الشيخ محمد جواد مغنية وآية الله الشيخ عبدالله نعمة رئيس المحاكم الشرعيّة الجعفريّة السابق والإمام الشيخ محمد مهديّ شمس الدين وآية الله الشيخ يوسف الفقيه رئيس المحاكم الشرعيّة الجعفريّة السابق وآية الله الشيخ حبيب آل إبراهيم وآية الله الشيخ عبدالله السبيتي والعلاّمة الشيخ حسين الخطيب رئيس المحاكم الشرعيّة الجعفريّة السابق. وسيّد شهداء المقاومة الإسلاميّة في لبنان العلاّمة السيّد عبّاس الموسويّ. الّذين كان لهم الدور الكبير في تاريخ الشيعة في سوريا ولبنان خلال القرن العشرين. وقد تكلّمت عن ذلك بكتاب «صفحات من ماضي الشيعة وحاضرهم في لبنان » وبالتفصيل، فراجع...

سابعاً: إن الإفتاء الجعفريّ الممتاز منذ الأربعينيات من القرن الماضي قد إتخذ من الغبيري مركزاً له ولجميع المفتين الجعفريين في لبنان وأولهم كان العلاّمة السيّد حسين محمد الحسينيّ، ثُمّ العلاّمة الشيخ عبد الأمير قبلان، ثُمّ العلاّمة الشيخ أحمد قبلان. وكان المؤسس للإفتاء الجعفريّ في لبنان الوزير السيّد أحمد مصطفى الحسينيّ.

ثامناً: إنطلاق المجلس الإسلاميّ الشيعيّ الأعلى من الغبيري... حيث إتخذ الإمام السيّد موسى الصدر مقرَّ دار الإفتاء الجعفريّ في بئر حسن ـ الغبيري مركزاً مؤقتاً له. ومن ثُمّ قام الإمام الشيخ محمد مهديّ شمس الدين بشراء قصر جميل في الغبيري وتخصيصه كمركز دائم له.

تاسعاً: إنّ أبطال الإستقلال اللبناني عام 1943م. وأعمدة الميثاق اللبنانيّ والصيغة اللبنانيّة اتخذوا من الغبيري موطناً وسكناً لهم وكان أبرزهم دولة الرئيس صبري بك حمادة ودولة الرئيس رياض بك الصلح. ودولة الرئيس أحمد بك الأسعد ودولة الرئيس الحاج حسين بك العويني والنائب إدوار حنين. وكانت قصورهم في الغبيري تعقد بها اللقاءات والإستقبالات. وتنطلق منها الحملات الإنتخابيّة وغيرها.

عاشراً: كما أنّ قضاة المذهب الشيعيّ أيام متصرفيّة جبل لبنان قد اتخذوا من منازلهم في الغبيري ـ الشياح محاكم شرعيّة لاستقبال المتداعيين ولإصدار الأحكام الشرعيّة. وكانوا من آل الحسينيّ من مزرعة السياد ومن بلدة بشتليدة الجبيليتين الكسروانيتين والّذين أورد ذكرهم الأستاذ طوني مفرّج في كتابه:[ « مدن وقرى لبنان »

1ـ السيّد علي الحسينيّ: قاضٍ مذهبي في القرن التاسع عشر.

2ـ السيّد حسين الحسينيّ: قاضٍ مذهبي في القرن التاسع عشر.

3ـ السيّد محمد الحسينيّ: قاضٍ مذهبي في القرن التاسع عشر.

4ـ السيّد عليّ الحسينيّ: قاضٍ مذهبي في أوائل القرن العشرين.

5ـ النائب السيّد أحمد مصطفى الحسينيّ حيث شغل وظيفة قاض مذهبي قبل تعيينه نائباً من قبل حكومة الإنتداب الفرنسي في سنة 1919م. بعد إعتقال النائب محمد محسن أبي حيدر مع زملائه في صوفر ونفيهم إلى جزيرة سردينيا ومن قبل حكومة الإنتداب (5)»].

وفي أواخر العشرينيات من القرن العشرين وبعد إقرار المحاكم الشرعيّة الجعفريّة من قبل حكومة الإنتداب الفرنسي بسعي الوزير السيّد أحمد مصطفى الحسينيّ كان من أبرز القضاة الأوائل العلاّمة السيّد محمد إبراهيم الحسينيّ الّذي اتخذ من منزله في برج البراجنة مركزاً للمحكمة الشرعيّة الجعفريّة آنذاك.

ثُمّ قام بعد ذلك قاضي بعلبك الشرعيّ الجعفريّ آية الله السيّد محمد يحيى صفي الدين بعد تعيينه رئيساً للمحاكم الشرعيّة الجعفريّة في لبنان وللمحكمة الجعفريّة العليا التي كانت تُعرف بمحكمة التمييز بإتخاذ مدينة الغبيري مركزاً للمحكمة الشرعيّة الجعفريّة العليا. مقابل جامع الشياح القديم في المكان الذي يشغله الآن سنتر قاسم الخليل التجاري، مدّة طويلة ثُمّ نقلت بعدها إلى محلة البسطا التحتا في بيروت ومن ثُمّ إلى محلة النويري. ومن ثُمّ إلى محلة الأونيسكو قرب ثكنة فخر الدين.

حادي عشر: لقد كانت الغبيري ملتقى للأحزاب اللبنانيّة ومركزاً لبعضها ومنها: حزب الكتلة الوطنيّة الموالي لفرنسا، حيث كان من مؤسسيه الكبار وأركانه المحامي والقانوني الكبير نائب بيروت الأستاذ محسن سليم الذي شغل منصب نائب الرئيس للمؤسس الأستاذ إميل إده رئيس الجمهوريّة اللبنانيّة أيام الإنتداب الفرنسي. وكان هذا الحزب مشهوراً بمواقفه الفرنسيّة.

ـ حزب الوطنيين الأحرار الموالي لحلف بغداد وللحلف الأطلسي حيث شارك في تأسيسه المحامي الكبير النائب الأستاذ كاظم بك الخليل وكان يشغل منصب نائب رئيس الحزب لرئيس الجمهوريّة اللبنانيّة السابق الأستاذ كميل شمعون وقد بقي بهذا المنصب لغاية وفاته. وكان له في الغبيري والضاحيّة أنصارٌ وأعوانٌ كان أبرزهم الحاج حسين درويش عمّار وولده النائب والوزير محمود عمّار والزعيم الشعبيّ عبّاس الحاج وغيرهم.

ـ حزب النهضة لمؤسسه الرئيس أحمد بك الأسعد.

ـ حزب الطلائع لمؤسسه نائب بيروت الحاج رشيد بك بيضون.

الحزب الدستوري وكان من مؤسسيه الرؤساء: بشارة الخوري، صبري بك حمادة، رياض بك الصلح. وكان من أهدافه استقلال لبنان عن فرنسا. والصيغة اللبنانية المعبّر عنها بالميثاق.

ـ التوجه القومي العربي الدّاعي للوحدة العربيّة بقيادة الرئيس المصري جمال عبد الناصر وكان من أقطابه الأستاذ أسعد الأسعد مساعد الأمين العام لجامعة الدول العربيّة الذي إتخذ من الغبيري موطناً ومركزاً له. وكان له أنصار كبار في الغبيري من ابرزهم كان الدكتور قاسم الخليل والمحامي خضر الحركة وغيرهم.

ـ إضافة إلى أحزاب وتوجهات دينيّة وسياسيّة كان أهمها إنطلاق المقاومة الإسلاميّة من خلال الإتحاد اللبنانيّ للطلبة المسلمين في الغبيري ومساجد الغبيري في عام 1982م. بقيادة الشهيد العلاّمة السيّد عبّاس الموسويّ إبن الغبيريّ.

ثاني عشر: كما تأسست في الغبيري أوّل كلية طب تابعة للجامعة اللبنانيّة بسعي إبن الغبيري الدكتور فخري علاّمة وبرئاسته في التسعينيات من القرن الماضي. وكذلك جامعة «العلوم والآداب اللبنانيّة» و «المعهد الشرعيّ الإسلاميّ» التابعان لجمعية المبرّات الخيريّة لمؤسسهما العلاّمة المرجع السيّد محمّد حسين فضل الله (قده). حيث إتخذ من الغبيري مركزاً رئيساً لهما. وكذلك جامعة «المصطفى العالميّةw»، وجامعة «آزادي» وهما فرعان من طهران. وكذلك حوزة «الشهيد الأوّل العامليّ» والمعهد الفني الإسلاميّ لمؤسسهما الإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين و «حوزة الرسول الأعظم w»، التابعة للوليّ الفقيه الإمام السيّد الخامنئي. وكذلك حوزة « مركز الدراسات الإسلاميّة لفقه أهل البيت i»، لمؤسسها العلاّمة الشيخ عبد الأمير قبلان النائب الأوّل لرئيس المجلس الإسلاميّ الشيعيّ الأعلى. حوزة «الإمام علي بن أبي طالب t»، لمؤسسها العلاّمة السيّد جعفر مرتضى. حوزة «الإمام علي الرضا t» لمؤسسها العلاّمة الشيخ حسن رميتي. كلية «الدعوة الإسلاميّة» لمؤسسها ومديرها الدكتور الشيخ عبد الناصر الجبري. والحوزة العلميّة لعلوم أهل البيت i، لمؤسسها الدكتور الشيخ علي أحمد البهادلي، حوزة الإمام السجاد t لمؤسسها العلاّمة الشيخ محمد علي الحاج العامليّ. كما لا ننسى جهود العلاّمة الشيخ جعفر الصائغ (قده)، قبل أكثر من أربعين عاماً لتأسيس حوزة الإمام عليّ t، في الغبيري. وقد نقلها بعد ذلك إلى بلدته قانا ـ قضاء صور.

ثالث عشر: الجمعيات الخيريّة الإسلاميّة والنوادي الثقافيّة والرياضيّة والجمعيات الكشفيّة والمجلات والصحف الدوريّة وغيرها. وإتخاذها الغبيري مركزاً رئيساً لها والحديث عنها وعن أعمالها في لبنان وخارجه يحتاج إلى كتاب خاص بذلك ومن أبرزها: جمعية المبرّات الخيريّة، الجمعية الخيريّة الثقافيّة، جمعية التعليم الدينيّ الإسلاميّ، الإتحاد اللبنانيّ للطلبة المسلمين ومجلة المُنطلق، المؤسسة الخيريّة الإسلاميّة لأبناء جبيل وكسروان، جمعية نادي الضاحية الثقافيّ الرياضي، جمعية كشافة الرسالة الإسلاميّة، مجلة «العرفان» وصحيفة «جبل عامل» لصاحبهما الأستاذ الحاج فؤاد زيد الزين، مجلة «شؤون جنوبيّة» لمؤسسها القاضي العلاّمة السيّد محمد حسن الأمين، مجلة «إطلالة جُبيليّة» لصاحبها ورئيس تحريرها القاضي الدكتور الشيخ يوسف محمد عمرو واللجنة الثقافيّة في الغبيري ومجلة « صوت الشبيبة المسلمة» للعلاّمة الشيخ حسن عوّاد وغيرها من جمعيات ونواد وصحف ومجلات ودور نشر ومكتبات.

رابع عشر: إتخاذ الغبيري مركزاً للوكيل العام الشرعي والمالي للمرجعيّة العليا للمسلمين الشيعة الإماميّة الجعفريّة في النّجف الأشرف منذ عام 1953 تقريباً عندما حلَّ بها آية الله الشيخ حسين معتوق (قده) كوكيل عام للإمام السيّد محسن الطباطبائي الحكيم (قده)، والحاج محمد أمين مرجي q، كوكيل مالي للإمام الحكيم (قده)، وذلك عام 1969م.

ومن ثُمّ آية الله السيّد محمد حسين فضل الله (قده)، آية الله الشيخ محمد مهدي شمس الدين (قده)، آية الله الشيخ حسن عسيلي (قده)، آية الله الشيخ حسن طرّاد (دام ظله)، آية الله الشيخ مفيد الفقيه (دام ظله)، كوكلاء كبار للإمام السيّد أبو القاسم الموسويّ الخوئيّ (قده)، والحاج علي أمين مرجي كوكيل مالي للإمام الخوئي (قده).

ومن ثُمّ آية الله الشيخ حسن طرّاد وآية الله الشيخ محمد مهدي شمس الدين (قده)، والعلاّمة الشيخ عبد الأمير قبلان، وآية الله الشيخ مفيد الفقيه كوكلاء للإمام السيّد علي الحسينيّ السيستانيّ (دام ظله)، والأستاذ الحاج حامد الخفّاف كوكيل مالي للإمام السيّد علي الحسينيّ السيستاني (دام ظله).

وكذلك يوجد في الغبيري مكتبان للمرجعين الكبيرين الإمام السيّد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم (دام ظله)، وللإمام السيّد علي الحسينيّ الخامنئي (دام ظله).

خامس عشر: إتخاذ الغبيري كمركز إعلاميّ للثورة الإسلاميّة في ايران منذ عام 1953م. عندما حلَّ بها آية الله السيّد أبو القاسم الكاشانيّ (قده). وبعدها تابع طريقه الإمام السيّد موسى الصدر بمحاضراته وجلساته الخاصة والعامة في مساجد الغبيري وفي حسينياتها وفي بيوتها. ومن خلال دعمه المعنوي للإتحاد العام للطلاب اللبنانيين ولجمعية التعليم الدينيّ الإسلاميّ في الغبيري وغيرها من مواقف كان أهمها مواقف العلاّمة الشهيد السيّد عبّاس علي الموسويّ ورفاقه الأبرار من أبناء الغبيري تجاه الثورة الإسلاميّة في ايران ودعوتهم النّاس إلى تقليد الإمام الشهيد السيّد محمد باقر الصدر (قده)، ومن ثُمّ تقليد الإمام الخمينيّ (قده)، مفجرّ تلك الثورة منذ عام 1978م.

سادس عشر: إتخاذ الغبيري كمركز إعلامي للثورة الإسلاميّة في العراق من خلال العلاّمة الشيخ علي كورانيّ وسكنه بها في السبعينيات من القرن الماضي. وذلك قبيل إنفصاله عن حزب الدعوة الإسلاميّ وخلافه معه. كما أن هناك أموراً أخرى كثيرة قام بها حزب الدعوة الإسلاميّ في العراق في الغبيري وفي غيرها من مدن وقرى لبنانيّة قبيل عام 1982م. لا زالت غير معلومة عندنا.

سابع عشر: كان لأبناء الغبيري من جذور جُبيليّة كسروانيّة الفضل الكبير واليد البيضاء في تأييد دعوة الإمام موسى الصدر في قضية روضة الشهيدين وتثبيتها قانونياً. وكان منهم الحاج حيدر عوّاد الذي ذكره المصّنف في الصفحة 194. والّذين لم يذكرهم هم: الحاج حسن محمود المقداد، البطل رستم المقداد، المختار الحاج محمود ياسين شمص، الحاج محمود همدر، الحاج محمد علي عمرو (ابو ابراهيم)، الحاج حسين برّو، الرئيس السيد حسين الحسينيّ رئيس حركة «أمل» آنذاك وآل الحسينيّ في الغبيري وعلى رأسهم السيد عبدالله محمد الحسينيّ، العلاّمة الشيخ حسن عوّاد رئيس لجنة المتابعة لبلاد جبيل وكسروان وإمام مسجد الإمام زين العابدين t، في الغبيري وغيرهم من الفعاليات الإجتماعيّة والعائليّة.

ثامن عشر: علماء الغبيري ودروهم في تأسيس «تجمع العلماء المسلمين» في لبنان أيام الإجتياح الإسرائيلي في لبنان عام 1982م. بمباركة الإمام الخميني (قده)، واسقاطهم لاتفاقيّة 17 أيار 1983م. التي عقدتها الحكومة اللبنانيّة برئاسة شفيق الوزان مع العدو الإسرائيلي بمباركة ودعم العلاّمة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله (قده) إنطلاقاً من مسجد الإمام الرضا t، في بئر العبد. نذكر منهم: الشيخ زهير كنج، الشهيد السيّد عبّاس الموسويّ، الشيخ محسن عطوي، العلاّمة السيّد عباس علي الموسوي، القاضي الشيخ يوسف عمرو، الشيخ مصطفى قماطي، الشيخ سليم صالح، الشيخ محمد توفيق المقداد، القاضي السيّد فيصل أمين السيّد، الشيخ حسن ملك، الشيخ أيمن همدر، الشيخ عصام شمص، الشيخ محمد حسين عمرو وغيرهم.

تاسع عشر: قيام أهالي الغبيري عام 1948م. بالترحيب باللاجئين الفلسطينين واحتضانهم وإسكانهم في منطقة صبرا وشاتيلا. وجمع التبرعات العينيّة لهم من ألبسة ومواد غذائيّة ومنع التعديات عنهم. وإيمانهم أن قضيّة تحرير القدس وفلسطين وَنُصرة الشعب الفلسطينيّ المظلوم من اركان الدّين والوطنيّة والقوميّة.

 

الهوامش:

(1) المسلمون الشيعة في كسروان وجبيل (1842 ـ 2006) للدكتور علي راغب حيدر أحمد. دار الهادي ـ بيروت. ص 81ـ 82 بتصرف.

(2) راجع كتابنا « صفحات من ماضي الشيعة وحاضرهم في لبنان»، ص 42 ـ 43 ـ 44 ـ 45 بتصرف. وقد نسي ذكر النائب السيّد محمد يونس الحسينيّ والد قاضي المذهب السيّد حسين وهما من قرية بشتليده ـ قضاء جبيل. مع أنّ النائب الآنف الذكر كان نسيباً للشيخ حسن صالح همدر وقد ذكرته عدّة مصادر.

(3) راجع نفس المصدر ص 86 حيث استطاع علي أفندي أن يتخلّص من حكم الإعدام بداعي المرض وبرشوة المأمورين الأتراك حتى تغاضوا عنه. توفي في قريته المعيصرة ـ فتوح كسروان سنة 1932م. تقريباً. ودفن في الجبانة القديمة قرب جامع المعيصرة (عن نفس المصدر).

(4) ـ راجع مجلة «إطلالة جُبيليّة» العدد الثاني الصادر في كانون الثانيّ 2011م. ص 9 بتصرف.

(5) كتاب «التذكرة أو مذكرات قاضٍ» للقاضي الشيخ د. يوسف محمد عمرو، ج3، ص 63 بتصرف.

(6) في مجلة «إطلالة جُبيليّة» العدد: 5 (نوفمبر) 2011م. ص 38 تحدّثنا عن هذه الوثيقة وترجمتها بالتفصيل عن العربيّة والفرنسيّة، وفيها توقيع النائب العضو علي بك الحاج حمود عمرو وزملائه في المجلس على صرف المبلغ الآنف الذكر. راجع المصدر الآنف الذكر.


وثيقة بصرف مبلغ 2500 قرش عثماني لإصلاح الطريق ما بين الشياح وبرج البراجنة مروراً بحارة حريك، صادرة عن مجلس ادارة متصرفيّة جبل لبنان سنة 1315هـ.