رسائل القراء

11/10/2012
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

باسمه تعالى

صاحب الفضيلة العلاّمة الدكتور يوسف عمرو حفظه الله تعالى:

في الساعة الرابعة من بعد ظهر يوم الجمعة الموافق 28/6/2012م. وكان يوماً شديد القيظ، تفيأت ظل شجرة على شرفة منزلي في قريتي بشتليدا طلباً لنسمة باردة عليلِة كالتي يبعثها العشاق رسولاً إلى أحبائهم عساها تخفف وطأة الحرِّ الشديد. ولمعت في خاطري الآية الكريمة }قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ{ عبس،17. فإذا كانت حرارة الدنيا تجعلنا في ضيق وضجر وتأفف وتذَّمر، فكيف بحرارة جهنم التي وقودها النّاس والحجارة أعِدّت للكثيرين خالدين فيها أبداً!؟.

وقطع هذا الخاطر وصول فضيلة الشيخ جمال كنعان يصحبه ثلاثة ضيوف قال أنّهم أحبوا ضيافتي الأدبية وسمعوا عن دراستي الأزهريّة في الأدب واللغة، فبادرتهم بقول الشاعر:

يا ضيفنا لو زرتنا لوجدتنا

نُبدي البشاشة والصفا للمقبل

فاهنأ وطب يا ابن الكرام فإننا

نحن الضيوف وأنت ربُّ المنزل

وانصرف الشيخ جمال ورغب الضيوف أن نكون في خَلْوة لا يزعجنا أحد أو يقطع علينا حَبْل تفكيرنا وحوارنا فصحبتهم إلى غرفة النوم وكانت الساعة بلغت السادسة مساءً فاستأذنتهم بطعام العشاء فأبوا وخيَّرتهم بنوع الشراب فامتنعوا، فتساءلت مندهشاً هل هم من جنس الّذين تسوروا المحراب؟ أم هم من سنخ الّذين جاؤوا ابراهيم بالبشرى؟

وبدأ حديثنا عن عاشوراء والمجالس الحسينيّة فشرحت وجهة نظري بأن ما أراه في عاشوراء من ضرب بالسيوف ولطم بالسلاسل وسفك للدماء وما نسمعه من أحاديث وقصص لا يقبلها من له مسكة من عقل أو ذرّة من علم ولا يَقّرها شرع. فكيف نقبل بسماع مثل هذه المجالس؟

وبهدوء متَّزن وأدب جَمّ قال أحد الضيوف: قبل الجواب على هذا علينا أن نستوعب أشياءَ كثيرة، منها «أن الإمام الحسين(ع)، كان مدرسة كبرى في التضحيّة والشهادة والفداء وأنّه قام طلباً للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. إنَّ عاشوراء تتطلع إلى كل ما يجري في العالم الاسلامي من تحديات ومشاكل وإنَّ إظهار الحزن والأسى على سبط رسول الله الإمام الحسين وأهل بيته الأطهار في شهر محرم من كل عام من معالم المحبة والولاء لرسول الله وآل بيته. مصداقاً لقوله تعالى: }قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى{ الشورى،23. وبنهضته(ع)، أوجب على الأمّة أن تقاوم كل ظالم مُستخِّف بحلال الله وحرامه. وأنّه لا يوجد في تاريخ الأمم قاطبة حادثة مفردة كان لها الأثر العميق على الزمن في مصائر دول عظيمة وشعوب شتى كمصرع الحسين(ع)، ومسيرته من مكّة إلى العراق كانت مسيرة الروح والعزم والضمير. وبهذا الإيجاز المطلق قال ضيفي، أعود إلى الجواب على سؤالك أن علماء الشيعة الإماميّة الاثني عشريّة ومراجعهم الأعلام قاموا بمحاربة البدع التي أُدخلت على المجالس الحسينيّة وحرّموا الضرب بالسلاسل والسيوف وإضافة الحكايات الكاذبة وأفتوْا بحرمة ذلك واعتبروها من تسويلات الشيطان وتزيينه سوء الأعمال» قلت بورك بك فقد أثلجت صدري لأن تلك البدع تُبدد ولا تجمع وتباعد ولا تُقرِّب وتشتت شمل المسلمين.

وكان عقرب الساعة يشير إلى الواحدة ليلاً وبدأ النعاس يصارع مُقلتي ومنعني الحياء وكرم الضيافة أن يبدو عليَّ ضيق أو تبرُّم فكنت اختلس اللحظات لأغسل وجهي بالماء البارد كي أطرد النعاس والنوم وأعود إليهم مُرحِّباً بهم، وأختطف الحديثَ الضيفُ الثاني قائلاً «الا تعلم أن اساطين علمائنا الّذين حملوا لواء الوحدة الإسلاميّة، وتكلموا عن فضائل هذه الوحدة في مواجهة التحديات وأن آل كاشف الغطاء كانوا من أبرز مراجع النّجف الأشرف في الدعوة إلى الوحدة الإسلاميّة والتقريب بين المذاهب الإسلاميّة وأن الإمام المجدّد السيّد محمد حسن الشيرازي كان من أعلام الوحدة الإسلامية ومؤسسي النهضة الإسلاميّة كما كان له دور مُجَلٍّ في إيقاظ العالم العربي والإسلاميّ من سُباته، وفي بثِّ الوعي بين المسلمين وإرساء روح الأخوة الإسلاميّة بين السُنّة والشيعة». وأن الإمام الخوئي في كتابه ـ البيان في تفسير القرآن ـ أرسى بالغ التكريم والإحترام للعلماء والأئمة من أهل السُنّة والعناية بدراسة آرائهم الدقيقة المنصفة ما يوجب الحب بين الفريقين والإجتماع تحت راية القرآن.

وازفت الساعة من الرابعة فجراً. فقلت هلّموا لصلاة الفجر جماعة. فلم أجد أُذناً صاغيّة ولا حياة لمن أنادي. والحقيقة كأنني في حُلُم فاعتذرت وقمت لأداء صلاة الفجر وأنا مُنْهك حقاً ومُتعب جداً وقلت في سريرتي لأوّل مرة في حياتي أرى ضيوفاً على هذه الشاكلة لا تراعي حرمة الوقت والراحة ولا أدب الضيافة والزيارة، فتحاملت على نفسي كي لا يصدر مني ما يسيء إلى حرمة الضيف وواجب إكرامه، وعدت بعد إنتهاء الصلاة، فإذا بثالث الضيوف يأخذ مبادرة الكلام فيقول «ملحمة عاشوراء ووحدة المسلمين ينضويان تحت لواء محبة أهل البيت (ع) ثمّ أفاض واطنب في ذكر آيات القرآن الكريم والأحاديث النبويّة الشريفة وشعر بعض فقهاء أهل السُنّة كالإمام الشافعي وشيخ الأزهر وغيرهما كثيرون. والآية الكريمة }إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا{ الأحزاب، 33 وقوله تعالى:}إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا{ الأحزاب 56 . وكرر على مسامعي أسماء أهل البيت(ع)، ثُمَّ دفعته الحميَّة ليسرد عليَّ سيرة كل إمام في حياته وأفعاله وأقواله مما قد يحتاج من الوقت إلى شهور ولم أعد أملك نفسي فقد نفد الصبر وانجلى الليل وطلع النّهار وبلغت الساعة العاشرة صباحاً قلت لضيوفي الثلاثة جزاكم الله خير الجزاء فقد أحسنتم الشرح وأفدتم فهمّوا بالإنصراف قلت لهم بحزم شديد لن تبرحوا هذا المكان ولن أسمح لكم بالخروج بل ستقيمون عندي ما دمت حيّاً في مكان قمين بكم في صحن مكتبتي فأحتاج إليكم كثيراً...

الضيوف يا سادتي هم:

أ ـ شعائر عاشوراء عند الشيعة الإماميّة.

ب ـ الوحدة الإسلاميّة في مواجهة التحديات، النّجف الأشرف نموذجاً.

ج ـ أهل البيت بنظرة وحدويّة حديثة.

ثلاثة مصنّفات للعلاّمة صاحب الفضيلة الشيخ يوسف عمرو.

وحقاً أقول لم يتبادر إلى ذهني ولو في الحلم أنّ صاحب الفضيلة له هذا الباع الطويل في هذا المضمار وصدقاً أقول أني كنت أسمع بإسمه ولم يذكره أحد أمامي بصفاته.

وأقسم قسماً مبروراً غير حانث فيه ولا آثم أنّه أدهشني وأثار إعجابي فهو عالم باحث ناقد مدّقق واسع الإطلاع والتقصي والبحث.

فشكراً لك يا صاحب الفضيلة على هديتك التي أسهرتني الليل وبعض النّهار والله أسأل أن يمدَّ في عمرك لتتحفنا بالمزيد من علمك وخلقك وفضلك.

   ما الفضل إلا لأهل العلم أنهم

          على الهدى لمن استهدى ادلاّءُ

فقمْ بعلم ولا تَبْغِ به بدلاً

            فالنّاس مَوْتَى وأهلُ العلم أحياء

 

تهنئة بعيد الفطر السعيد

تلقى رئيس التحرير القاضي عمرو من رئيس حزب البيئة العالميّ الدكتور ضوميط نعوم كامل رسالة تهنئة بعيد الفطر السعيد جاء بها:

في هذا العيد المبارك لا بُدّ لي من أن أتقدم بأحرِّ التهاني والمعايدة إلى أبناء بلدي الأعزاء وعلى رأسهم سماحة الدكتور الشيخ يوسف عمرو(حفظه الله تعالى) على كل جهوده الجبارة التي يقدمها دون كلل وبعطاء غير محدود لأبناء منطقته وأبناء وطنه ناسياً الخلافات السياسيّة والمذهبيّة والطائفيّة. حاملاً رسالة سماوية يقدمها دون عناء. تاريخه العظيم يشهد له بالعطاء دون مقابل وكم له من المحبة والإحترام بين أبناء شعبه ومنطقته.

هو صوت مدوٍ في المحافل المحليّة والإقليميّة وكتاباته تشهد له بذلك، فالمجلات والصحف والكتب تحمل رصيداً عظيماً لمقالاته هي بمثابة دستور لأمّة ووطن.

حفظ الله الدكتور الشيخ يوسف عمرو كنزاً عظيماً لوطنه ولمنطقته ولنا جميعاً. أعاد الله أعيادنا جميعاً وبألف عافيّة وصحة جيدة لكم.  

بمناسبة مرور ذكرى أربعة وثلاثين عاماً على تغييب الإمام السيّد موسى الصدر ورفيقيه توجه الأستاذ يوسف حيدر أحمد إلى هذه المجلة بالرسالة التاليّة المؤرخة في 23 آب 2012م:

سماحة الإمام الغائب الحاضر السيّد موسى الصدر:

الوطن بحاجة ماسة إلى رجال عظام أمثالك يحملون الفكر النيِّر والعمل الصادق الهادف، ويلتزمون أمام الله والتاريخ بترسيخ وتجذير القيم الإجتماعيّة والوطنيّة والعقيدة الدينيّة السمحاء في قلوب وعقول ونفوس أبناء الوطن. وفي كل ربوعه الجميلة كي نستطيع العيش في واحة من السلام والطمأنينة والأمان والحياة الرغيدة الواعدة.