المركز الإسلاميّ في جبيل لجمعيّة المبــرّات الخـيـريّـة واحة عطاءٍ

01/09/2010
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

مدينة جبيل من أقدم المدن التراثيّة في الشرق الأوسط، مضى على تأسيسها قرابة السبعة آلاف سنة، كما أثبتت بعض الدراسات الأكاديميّة ذلك، ومنها إنطلق الفينيقيون إلى سواحل البحر الأبيض المتوسط مُعلمين لشعوبه القديمة الأحرف الأبجديّة، وآخذين بأيديهم نحو بناء المدن، والقرى، والمزارع، والتعاطي بالتجارة من خلال التبادل التجاريّ، والمسكوكات الفضيّة والذهبيّة.

هذه المدينة كان لها في قلب سماحة آية الله العظمى السيّد مُحمّد حسين فضل اللهع، الحظ الأوفر في إهتمامه وفي إستجابته لطلب أعيانها منه بناء مسجد ومركز إسلاميّ كبير إسوة بباقي الطوائف الأخرى في المدينة، وكانت بداية الوعد الكريم في حفل الإفطار الّذي أقامه القاضي الدكتور الشيخ يوسف محمد عمرو على شرف سماحته في منزله في الغبيري ليلة 19رمضان1414هـ، الموافق:28شباط 1994م.

وقد إستجاب المحسن الكريم الكويتي الحاج أسامة الكاظميّ لذلك، بشراء العقار المناسب في حي مار يوسف قرب المحكمة الجعفريّة في المدينة بإسم جمعيّة المبرّات الخيريّة، وكانت بداية المسيرة في وضعهع، لحجر الأساس لمسجد الإمام عليّ بن أبي طالب (ع)، في جبيل بمناسبة ذكرى المولد النبويّ الشريف في 15 ربيع الأوّل سنة 1421هـ، الموافق:16 حزيران سنة 2000م، حيث كان ذلك اليوم يوماً مشهوداً في تأريخ المدينة حضرته جميع الوجوه الإجتماعيّة، وممثلو الطوائف الكريمة في بلاد جبيل وكسروان.

وكانت كلمتهع، في ذلك الحفل البلسم الشافي والدواءِ الناجع لمعالجة مشاكل لبنان الإجتماعيّة بالرجوع إلى الله تعالى، مصدر الحب والعطاء والخير والجمال. والإبتعاد عن التعصب والطائفيّة البغيضة.

وربَّ سائل، عن سبب التأخر في وضع الحجر الأساس للمسجد مع وجود المحسن الكويتي الكريم؟.. والجواب ذكره القاضي الدكتور عمرو في كتابه: التذكرة أو مذكرات قاضٍ  ج2، ص:571ـ572ـ573، فراجع.

وقد تكلّلت أمانيّ المسلمين في المدينة بالنجاح في إفتتاح هذا المسجد المبارك في يوم الجمعة في آخر جمعة من شهر شعبان 1427هـ، الموافق: 23 أيلول 2006م، برعاية المرجع الدينيّ العلامة السيّد فضل اللهع، ممثلاً بنجله نائب رئيس جمعيّة المبرّات الخيريّة، حجة الإسلام السيّد عليِّ فضل الله، وبحضور النائب الحاج عبّاس هاشم، والشيخ حسين شمص رئيس المؤسسة الخيريّة الإسلاميّة لإبناء جبيل وكسروان وجمع حاشد من الفعاليات الدينيّة والسياسيّة والإجتماعيّة. وقد قدّم سماحته للمؤمنين فضيلة الشيخ محمود حيدر أحمد، حيث ألقى سماحة السيّد عليِّ فضل الله خطبتي الجمعة منوهاً بدور المسجد في الإسلام، وبدور والدهع، في الوحدة الإسلاميّة، والوحدة الوطنيّة مُعرباً عن تمنياته القلبيّة بحلول المحبة، والرحمة، والخير، والعطاء في شهر رمضان المبارك إنطلاقاً من خطبة النبيّ (ص)، في إستقبال هذا الشهر المبارك.

ثمَُّ تكلّم إمام المسجد القاضي الدكتور الشيخ عَمرو بإسم أهالي المدينة، وبلاد جبيل وفتوح كسروان شاكراً لسماحة العلاّمة المرجع الديني السيّد فضل اللهع، هذه المبادرة وأياديه البيضاء على المؤمنين في هذه البلاد، وعلى عدّة قرى في منطقتنا، وفي شمال لبنان ثُمَّ ختم كلمته بتقديم سماحة السيّد عليّ لصلاة الجمعة.

ولقد كان لهذا المسجد الدور الكبير في هذه المدينة منذ إفتتاحه ولغاية تأريخه بإقامة شعائر صلاة الجمعة والجماعة، وإعطاء الدروس الدينيّة، والإجابة على الإستفتاءات الشرعيّة وفق فتاوى سماحة المرجع الدينيّ العلاّمة السيّد فضل اللهع، وباقي مراجعنا الاعلام(حفظهم الله تعالى)، وفي إحياء المناسبات والشعائر الإسلاميّة بشكل عام، وفي شهر رمضان ومُحرّم بشكل خاص، وفي الدعوة الدائمة لتحكيم العقل والرجوع إلى الكتاب والسُنّة وإفشاء روح المحبة والتسامح بين الأهالي.

ويعاون إمام المسجد القاضي الدكتور عمرو في ما تقدم فضيلة العلاّمة الشيخ محمود حيدر أحمد.

كما كان لإفتتاح مدرسة رسول المحبة (ص)، المجانيّة للعام الدراسي 2008ـ2009 والمجاورة للمسجد بإدارة الأستاذ زهير الحيدري الدور الكبير في إبراز دور المسجد في تربية الأجيال.

كما أقامت إدارة هذه المدرسة عدّة إحتفالات طلابيّة وإحتفالات أخرى ثقافيّة بالتعاون مع جمعيّة المبرّات الخيريّة ولجنة المركز الإسلاميّ في جبيل، كان أبرزها الإحتفال الكبير بمولد الإمام عليّ بن أبي طالب (ع)، في 15 رجب1429هـ، الموافق 20 تموز 2008م، برعاية سماحة المرجع الديني العلاّمة السيّد مُحمَّد حسين فضل اللهع، مُمثلاً بنجله حجة الإسلام السيّد عليّ(حفظه المولى)، وقد حضر الإحتفال مدير جمعيّة المبرّات الدكتور السيّد مُحمّد باقر فضل الله، والنائب الحاج عباس هاشم، والنائب السابق مستشار رئيس الجمهوريّة ناظم خوري، والنائب السابق نزيه منصور، والمحامي جان حوّاط، والشيخ محمد حسين عمرو، وقائمقام جبيل حبيب كيروز وحشد كبير من الفعاليات الدينيّة والسياسيّة والثقافيّة والإجتماعيّة في بلاد جبيل وكسروان.

وقد تكلّم سماحة السيّد عليّ عن صاحب الذكرى وعن إخلاصه لله تعالى. طالباً من جميع اللبنانيين أن تكون أعمالهم خالصة لله تعالى، وأن تكون الثقة بالله تعالى، ديدنهم وشعارهم تماماً كما كانت ذلك عند الإمام عليِّ (ع).

ثم ألقى إمام المسجد القاضي الدكتور عَمرو كلمة بإسم الأهالي ولجنة المركز الإسلاميّ عن صاحب الذكرى وعن مرجعيته للعلوم والفنون والمذاهب العقائديّة والفقهيّة في الإسلام، شاكراً للمرجع الدينيّ آية الله العظمى السيّد فضل اللهع، أياديه البيضاء على مدينة جبيل بتأسيسه وإفتتاحه للمسجد وللمدرسة المجانيّة. ثم تحدث عن أمنية لجنة المركز بتأسيس حسينيّة، وقاعة وثانويّة، ومستوصف في المدينة تابعة للمركز الإسلاميّ، نظراً لحاجة المسلمين لذلك، فاتحاً باب التبرع لهذا المشروع برعاية جمعيّة المبرّات الخيريّة بعد أن أجاز سماحتهع، دفع الحقوق الشرعيّة لهذا المشروع.

وأشاد أيضاً بمناقبية فخامة رئيس الجمهوريّة اللبنانيّة العماد ميشال سليمان ومزاياه الوطنيّة طالباً منه، ومن الحكومة العتيدة إفتتاح ثانوية رسميّة للبنات في المدينة وفروع للجامعة اللبنانيّة إسوةً بباقي المدن الأخرى، نظراً لحاجة الأهالي الماسة لذلك. وفي الختام ألقى الوزير الأسبق جوزيف الهاشم قصيدة عصماء من وحي المناسبة.

إستجابة المرجع الدينيّ العلاّمة فضل الله.

وبعد ذلك بمدة قليلة تجاوب سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيّد فضل اللهع، مع طلب أهالي مدينة جبيل وجوارها، ولجنة المركز الإسلاميّ الآنفة الذكر، في تصميم الخرائط والرخص اللازمة حسب الأصول المرعيّة الإجراء لبناء حسينيّة، وقاعة، وثانوية كبيرة تتسع لألف طالب، وديوانيّة للإستقبال مع مستوصف حديث، ومنزل للعالم الديني، مع مكتب إجتماعيّ. كما طلبع، من نجله حجة الإسلام السيّد عليّ تمثيله بوضع حجر الأساس لهذا المشروع الجديد ظهر يوم الجمعة في:14تموز 2009م، الموافق لآخر جمعة من شهر شعبان سنة 1430هـ، حيث حضر الحفل حشد كبير من الفعاليات الدينيّة والسياسيّة والإجتماعيّة يتقدمهم نائب المنطقة الحاج عباس هاشم، ومدير جمعية المبرّات الدكتور السيّد مُحمّد باقر فضل الله، ومسؤول المنطقة الخامسة في حزب الله الشيخ حسين زعيتر، ووفد من بلدية جبيل برئاسة أحمد مشرف، والحاج محمد صالح، والحاج حسين أسعد وغيرهم.. وكانت خطبة يوم الجمعة لسماحة السيّد عليّ(حفظه الله)، حول معاني الصوم الواردة  في خطبة رسول الله (ص)، في إستقبال شهر رمضان المبارك وآثار ذلك على الشخصيّة الإنسانيّة، وعن إمتياز مدينة جبيل وبلادها بالوحدة الوطنيّة في ماضيها وحاضرها، وعن مشروع المركز الإسلاميّ الجديد ودوره كحلقة من حلقات المعرفة ثُمَّ وُضِعَ حجر الأساس بإسم لجنة المركز الإسلاميّ، وفي الختام أقامت اللجنة مأدبة في المدينة.

وبعد مدة أُعلن عن تبرع المحسن الكريم الحاج عاطف داغر بجميع تكاليف الحسينيّة التي تتسع لقرابة 900 شخص كما جمعت بعض التبرعات من الأهالي والمحسنين الكرام، داخل المنطقة وخارجها ـ  سوف يقوم المركز بإصدار كتاب مستقل بذلك عند نهاية المشروع إن شاء الله تعالى ـ ولا زال هذ المشروع بحاجة ماسة للتبرع وذلك بعد أن أجاز سماحة المرجع الدينيّ العلاّمة فضل اللهع، دفع الحقوق الشرعيّة إليه من السهمين الشريفين كما أشرنا إلى ذلك آنفاً .

وكانت بداية العمل في حفر الطابق الأرضي وتأسيس وبناء القاعة والحسينيّة ومن ثُمَّ البداية ببناء الطوابق الخمسة الأخرى بعيد هذا الإحتفال. ولا زال العمل قائما والحمد لله ربِّ العالمين على الرغم من غلاء مواد البناء وإرتفاعها.

ونظراً لحاجة بعض الأهالي في بلاد جبيل والفتوح للمساعدة لتعرضهم للأمراض المُزمنة وحاجتهم للتداويّ وللدواء، ولوجود أرامل وآيتام وفقراء بين ظهرانيهم، وحاجة بعض الطلاب الأيتام للمساعدة فقد إستأجرت مؤسسة المرجع الدينيّ آية الله العظمى السيّد فضل اللهع، للشؤون الإجتماعيّة مكتباً ملاصقاً لمشروع المركز الإسلاميّ الآنف الذكر، بإدارة الحاج حسين أسعد. وهي تسعى لتجهيزه والإعلان عن إفتتاحه قريباً إن شاء الله تعالى، وذلك مساعدة لمشروع المركز الإسلاميّ ومريديه ومراجعيه في أعمال البرِّ والإحسان، وحتى يصبح مركزنا في جبيل واحةً دائمة للعطاء لجميع المستضعفين في المدينة.

ونظراً لحاجة أبناء المسلمين في مدينة جبيل وضواحيها لتعلم القرآن الكريم وحفظه وتجويده، ولتعلم الصلاة وآدابها والسيرة النبويّة وغير ذلك، أقام المركز الإسلاميّ  لمدة شهر دورة صيفيّة مجانيّة للفتية والفتيات من ست سنوات ولغاية الرابعة عشرة بإدارة فضيلة الشيخ محمود حيدر أحمد.

وبعد هذا لا يسعنا إلا التوجه إلى الله تعالى، بالدعاء أن يرحم سماحة سيّدنا المرجع الدينيّ آية الله العظمى السيّد فضل اللهع، برحمته وأن يبارك في ذريته، وأسرته، وآل فضل الله الكرام وأن يجعلهم خير خلف لخير سلف، وأن يلهمهم الصبر وَحُسن العزاء، آمين.