تكريم العلاّمة الدكتور السيّد محمد هادي الخرسان

06/09/2016
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

أقامت مكتبة الشيخ بهاء الدين العامليّ العامّة في بيروت أمسية تكريمية لسماحة العلاّمة الدكتور السيّد محمد هادي الخرسان بمناسبة نيله شهادة الدكتوراه من كلية الامام الاوزاعي للعلوم الاسلامية، بدرجة جيّد جداً، وهي بعنوانالكلمة في المنظور الاسلامي: دلالاتها، ضوابطها الشرعية، آثارها، مسؤوليتها الجزائية» مساءَ يوم الثلاثاء في 21/6/2016م.(1).

كلمة رئيس جمعية آل البيت i الخيرية في لبنان الأستاذ الحاج حامد الخفاف في هذه الأمسية التكريمية.

أيها الاخوة الكرام،

أغتنم فرصة احتفائنا بهذا السيد الجليل، لأسلط الضوء، بإيجاز، على نقطة جدليّة في أجوائنا الحوزويّة والجامعيّة، وهي اهتمام رجال الدين بالحصول على شهادة جامعية. فقد ذهب بعضهم إلى تقديم الاهتمام بالحصول على الشهادة الجامعية حتى على دروسه الحوزوية، فهي هدفه وأمنيته التي يسعى لتحقيقها حتى لو اضطرّ لمعادلة شهادات بطرق غير أكاديمية، وتوَسُّل سبلٍ غير مناسبة، وذهب بعض آخر إلى اعتبار أن سعي طالب العلم لهذه الأمور ملهاة في غير محلها، وهي تؤثر على تحصيله الحوزوي الجاد. وتحرف مسيرته الخالصة... إلى آخره.

والحقيقة فإن انموذج السيد هادي الخرسان هو النموذج الوسطي الأمثل. فالرجل أخذ قسطه من الدروس الحوزوية مقدمات وسطوح وبحث خارج، ولا يزال منشغلاً بها استاذاً ومدرّساً، وناشطاً في مجال الاجابة على الاستفتاءات الشرعية، وعلى صعيد آخر تدرَّج أكاديمياً بشكل طبيعي من دون تكلّف، فحاز على الليسانس ثم الماجستير، ثم انتظر خمس عشرة سنة عاكفاً على رسالته الدكتوراه حتى أكملها. ولم أذكر أنني رأيته في يوم من الأيام مستعجلاً للحصول عليها، أو متذمراً لتأخّرها، بل لم نكن نحسُّ ونحن الذين نعيش معه يومياً أنها تمثل له همّاً معيناً، رغم معرفتي الأكيدة انه كان يبذل جهوداً مضنية في العمل عليها تأليفاً ومتابعة للمصادر. هذا هو النموذج الصالح.

ما أريد قوله أننا نريد رجل الدين فوق الشهادة الأكاديمية، نريده سلوكاً يتحول دروساً يومية للمجتمع، ونريده سيرة نتعبّد بها، فإذا حصل على شهادة الدكتوراه بعد ذلك فهي نورٌ على نورٍ، وإضافة إيجابية جميلة لمعارفه وعلومه خصوصاً على مستوى علوم المنهج.

لعلّي أسهبت، وليس في الليل متسع إلا للغرام وحديث الهوى، ومن أولى به منك، أيها السيد الحبيب، يا ابن السادات الأطايب. وقديماً قيل:

إذا جمع الفتى حسباً ودينا

فلا تعدل به أبداً قرينا

أما حسبك فمعروف، وأما دينك فأيم الله انني عاشرتك حوالى العشرين عاماً فلم أجدك إلا حيث مرضاة الله. لباسك التقوى، ومنطقك النصيحة، واعظ متعظ، مؤتمن على الدين والدنيا، نرى فيك النجف، نرى فيك تواضعها، وسموّها، وترفّعها، وعلومها وآدابها، وصوراً تكاد تختفي في عالم حوزوي تعصف به المتغيرات.

سيدنا المكرّم، أيها الاخوة الحضور:

صحيح أننا أُمرنا ان نحثو في وجوه المداحين التراب، ولكن الصحيح أيضاً أننا أُمرنا أن لا نغبن الناس حقوقهم.

وما هذا التكريم وما قلناه إلا بعض حقك علينا.

أبارك لشهاده الدكتوراه بكم، فلقد ازدانت باسمكم وتشوفت، وانت بها جدير...

ولقد غالبني الشعر على النثر فغلبني، وأنا منه على توجس دائم، فكانت هذه الابيات الإخوانية:

قبس

ضاء الغري بروعة الإبداع

كلية تنمى إلى الاوزاعي

وتألق الخرسان في جنباتها

بحثاً وتحقيقاً وسيل يراعِ

قبسٌ من النجف الشريف ضياؤه

من مركز التنوير والاشعاعِ

حتى إذا بسط الكلام بـ (كلمة)

أغنى مطالبه بفكر واعِ

سبر المصادر والمراجع وانتضى

سيف الدليل وصارم الاقناعِ

يحتج بالقرآن في أبحاثه

بالنقل، ثم العقل، بالاجماعِ

هذي مناهج حوزة علمية

رسخت معالمها كصخر قلاع ِ

من ألف عامٍ تبزغ الشمس التي

شعّت مآثرها على الأصقاعِ

تلدُ الفطاحل رغم كل جراحها

ما عاقها نوبٌ، وطيش نزاعِ

•••••••

مهلاً أبا حسنٍ فهل من فسحةٍ

كي ما أبثك لوعة، أوجاعي

في كل بيت من بلادي أنّة

تدمي الفؤاد، حزينة الايقاعِ

وطن تناهشه الذئاب وبعضهم

أهلي، غوتهم خمرة الاطماعِ

وعلت خفافيش الظلام سماءه

وهوت عصافير الضحى للقاعِ

بلد تحيّرت العقول بدائه

وعصت رعيّته كلام الراعي

أوّاه جرحك يا عراق، ينزّ من

قلبي، يحزّ من الأسى أضلاعي

عفواً إذا امتزج السرور بغصةٍ

سيّان منشد بهجةٍ، أو ناعي

 

الهوامش:

(1) بدأ الاحتفال التكريمي بتلاوة قرآنية للشيخ حسن صمادي، ثم كلمة لسماحة السيد علي الحسني تضمنت تعريفاً موجزاً بالسيد المُكرّم.

ثم تكلّم ممثل سماحة السيد السيستاني دام ظله في لبنان، ورئيس جمعية آل البيتi الخيرية الأستاذ الحاج حامد الخفاف،

الذي أشاد بصفات السيد المُكرّم الاخلاقية والعلمية، مشيراً إلى الجدل القائم حول توجهات رجل الدين للحصول على شهادة أكاديمية، أنهاها بقصيدة شعرية

من وحي المناسبة.

ثم تكلّم الدكتور الشيخ مهدي الغروي متطرقاً إلى رسالة السيد المُكرّم عن (الكلمة) شارحاً أبوابها وفصولها ومميزاتها وأهميتها، وختم بقصيدة.

ثم توالى الشعراء بإنشاد قصائدهم: الشيخ الدكتور ابراهيم النصيراوي بقصيدة أرسلها للاحتفال، الاستاذ عباس عياّد، الدكتور جودت القزويني، الشيخ حسن

شاهين، الاستاذ حسن معتوق.

وفي الختام، القى الدكتور السيد محمد هادي الخرسان كلمة شكر لكل من حضر وساهم في انجاح حفل التكريم.

 

وقد تمّ في نهاية الاحتفال توزيع رسالة الماجستير للسيد المُكرّم وعنوانها «العمل والتنمية الاقتصادية» على الحضور.