عاشورائيات: ذكرى أربعين الإمام الحسين (ع)- جبيل

20/1/2017
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

جبيل

بمناسبة ذكرى أربعين الإمام الحسين (ع)، أقام إمام مسجد الإمام عليّ بن أبي طالب (ع)، في جبيل ـ جمعية المبرّات الخيريّة، القاضي الدكتور الشيخ يوسف محمد عمرو. عصر يوم الجمعة الواقع فيه 18/11/ 2016م. مجلس عزاء حسينيّاً بالمناسبة لفضيلة الخطيب الشيخ علي ترمس، حضره جمع من الأهالي وطلاب وطالبات ثانوية رسول المحبة w، يتقدمهم المسؤول التربوي في الثانوية فضيلة الشيخ محمود حيدر أحمد. وقد تكلّم القاضي عمرو في خطبتي الجمعة حول مشروعيّة هذه الذكرى التي أٌقيمت في كربلاء قرب ضريح الإمام الحسين بن عليّ o، والشهداء من أهل بيته وأصحابه في العشرين من شهر صفر سنة 61 للهجرة. وأنّ أوّل من قام بهذه الزيارة هو الصحابي الجليل جابر بن عبدالله الأنصاري (رض) مع خادمه عطية العوفي مع جمع من بني هاشم أتوا من مدينة رسول الله w، لزيارة ضريح الإمام الحسين (ع)، والشهداء من أهل بيته وأصحابه. وقد التقوا في ذلك بقافلة قادمة من دمشق الشام وبرئاسة الصحابيّ النعمان بن بشير والي الكوفة الأموي السابق، حيث كان مع فريقه العسكري بحراسة الإمام زين العابدين عليِّ بن الحسين o، ومعه عماته وأطفاله من آل البيت i. وقد بقوا ثلاثة أيام في ذلك المكان المُقدّس وكانوا ما بين قارئ للقرآن الكريم وَمُصلٍ وباكٍ وباكية. وقد شاركهم في ذلك العزاء جمع من قبيلة بني أسد سكان منطقة كربلاء وجيرانها. كما أنّ حديث جابر بن عبدالله الأنصاري إلى الإمام زين العابدين (ع)، وجواب الإمام (ع)، لجابر. كما ذكرت لنا كتب السِيَر أيضاً أنّ قافلة الإمام زين العابدين (ع)، لما وصلت بالقرب من مدينة رسول الله w، أمر (ع) بضرب فسطاطه وأنزل عَمّاته واخواته، والتفت إلى بشر بن حذلم فقال له: يا بشر رحم الله أباك لقد كان شاعراً، فهل تقدر على شيء منه؟

فقال له: نعم يا ابن رسول الله.

فأمره الإمام أن يدخل المدينة وينعى لأهلها الإمام الحسين، وانطلق بشر إلى المدينة فلما انتهى إلى المسجد النبوي الشريف رفع صوته مشفوعاً بالبكاء، وهو يقول:

يا أهل يثرب لا مقام لكم بها

قُتِلَ الحسينُ فأدمعي مدرارُ

الجسمُ منه بكربلاء مُضرج

والرأس منهُ على القناة يُدارُ

ويتكلم أصحاب السِيَر والتاريخ، أنّه لم يبق في ذلك اليوم صحابي أو تابعي أو امرأة أو رجلٌ أو حرٌ أو مملوكٌ إلاّ خرج لإستقبال الإمام زين العابدين والركب العلوي معه ولتقديم العزاء وهم يبكون الحسين (ع)، ويندبونه إلى آخر ما جاء في ذلك من أخبار. ولنا بعد ذلك أن نسأل هل أنّ ما قام به جابر بن عبدالله الأنصاري وجمع من بني هاشم وزيارتهم لضريح الحسين (ع)، في كربلاء في العشرين من شهر صفر هو بدعة وضلالة؟.

أو أنّ ما قام به أهل المدينة من عزاء للإمام زين العابدين وبكاء وصراخ وندب للحسين (ع)، هو بدعة وضلالة؟

وجوابنا على ذلك إن إحياء ذكرى أربعين الإمام الحسين (ع)، ومجالسه المباركة في شهر مُحرّم وغيرها كل عام هو من علامات الإيمان والتقوى كما قررها أهل البيت i، في أحاديثهم وهي بالتالي استمرار لأهداف النهضة الحسينيّة في طلب العدالة من الملوك والأمراء وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. كما أن الإمام مالك بن أنس q، جعل عمل أهل المدينة مصدراً من مصادر التشريع الإسلاميّ في علمي الأصول والفقه.

كما أنّ سيرة الشعوب المناضلة في العالم هو القيام بتكريم مناضليها وشهدائها ورفعهم فوق الرؤوس حتى تستضيء بهديهم الأجيال.. والإمام الحسين (ع)، هو سيّد الشهداء وأبو الأحرار وصاحب مدرسة كبرى في طلب العزّة والكرامة والعدالة. مصداقاً لحديث رسول الله w، الذي أخرجه أحمد بن حنبل في مُسنده بإسناده عن أبي هريرة قال:[« نظر النبيِّ w، إلى عليِّ والحسن والحسين وفاطمة فقال: أنا حرب لمن حاربكم، وسلم لمن سالمكم»(1).

 

الهوامش:

(1) «المُسند»، للإمام أحمد بن حنبل، ج1، ص 442 (المطبعة المينمية بمصر 1313هـ).