جبيل ملتقى الحوار بين الأديان

25/11/2019
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

إعداد هيئة التحرير

نظمت جمعية Apostolate of our lady of hope and mercy - St Rafka Mission «لقاء بعنوان «جبيل ملتقى الحوار بين الأديان»، بالتعاون مع «منتدى التنمية والثقافة والحوار»، وبرعاية بلدية جبيل ـ بيبلوس، في فندق «ماكسيموس»، في مستيتا جبيل عصر يوم الثلاثاء الواقع فيه الواقع فيه ٩ تموز ٢٠١٩ م، تحدث فيه مفتي جبيل وكسروان العلاّمة الشيخ عبد الأمير شمس الدين، امام جبيل الشيخ غسان اللقيس، القاضي الدكتور الشيخ محمّد النقري، والقاضي الشيخ الدكتور يوسف عمرو، الشيخ الدكتور أحمد قيس، الشيخ محمد أحمد حيدر، الشيخ أحمد اللقيس، رئيس الجمعية الأب اندريه مهنا، القس الدكتور رياض جرجور، رئيس البلدية وسام زعرور، عضو لجنة الحوار الاسلاميّ المسيحيّ الدكتور محمد السماك، الدكتور خالد اللقيس، في حضور عدد من أعضاء المجلس البلدي، مخاتير المدينة واصحاب الجمعيات الاجتماعيّة والثقافيّة ورجال دين ومهتمين.

اغناطيوس

بداية النشيد الوطني، ثم كلمة المحامي سامي اغناطيوس الذي قال ان «جبيل بقيت نموذجا لوحدة العيش الكريم بين أبنائها، بفضل ما تمتعت به مكوناتها الطائفية من حرية وديموقراطية في ممارسة العلاقات العامة، وحرصها على ديمومة هذه العلاقة بالرغم من الانحدار السياسي ولغة الاستقواء على بعضنا البعض الذي نسمعها من الطبقة الحاكمة في لبنان، ممّا يَضرُّ بصيغة العيش المشترك الذي بدأنا به ونحرص على صونه».

جرجور

وتحدث الأمين العام للفريق العربيّ للحوار الإسلامي المسيحي، ومؤسس ورئيس «منتدى التنمية والثقافة والحوار» القس جرجور، شاكرا بلدية جبيل وجمعية «Apostolate of our lady of hope and mercy- St Rafka Mission» على هذه المبادرة، ومشيراً الى أنّها «تهدف الى مناقشة كيفية الحفاظ على مدينة بيبلوس مُطلقة الحرف الى العالم أجمع، على العيش المشترك والحوار بين مختلف الأديان رغم التوترات الطائفية الحاصلة في لبنان والمنطقة».

وأضاف:«نحن هنا لنضع عيشنا المشترك وحوارنا الاسلاميّ ـ المسيحيّ على المحك، اي لنمتحن صلابة هذا العيش وهذا الحوار». ولفت الى أن «ما يعطل هذا الحوار ليس الا الاستسلام لجهلنا الآخر المختلف دينيا، واعتماد لغة مزدوجة تطعن بصدقية الحوار، والخطاب الديني التجريحي والتحريضي المثير للشكوك والمخاوف»، وغيرها من الأسباب التي تلغي حوار الثقافات والحضارات».

قيس

بدوره، اعتبر الدكتور قيس خلال مداخلة ان «الأديان لم تعد تجمع، فنحن لا بُدَّ أن نلتقي على النوع الانساني لا على التفصيل الديني».

وشكر القس على اهتمامه بالحوار الاسلاميّ المسيحيّ مُعربا عن استعداده للتعاون معه في هذا الشأن. وقام سماحته بتوزيع كتابه الجديد «محطات مُشرقة في التراث المسيحيّ الإسلاميّ ـ دراسة إسلاميّة لحياة بعض القديسين في المسيحيّة» على المؤتمرين. كما قدّم نسخة أخرى باللغة الإنكليزيّة (لم تُطبع بعد).

شمس الدين

وأعرب المفتي العلاّمة شمس الدين عن سعادته بمشاركته في هذا اللقاء، داعيا رجال الدين كافة الى «التعاون من أجل بناء السلام والوصل الى حياة يسودها العدل الاجتماعي». واعتبر أنَّ هذا الاجتماع «هو من أجل التعارف وتبادل الافكار التي ستجعل مجتمعنا متماسكا ومتراصا. والطائفية هي التي أدت الى ما أدت اليه من تمزق في المجتمع اللبنانيّ وصولاً الى كل هذه النزاعات، مما دفع الإمام الراحل الشيخ محمّد مهديّ شمس الدين الى المطالبة بدولة لا دينية». ودعا الى «مُعاملة الآخر كما نحبُّ أن نعامل نحن، وهذا هو الأساس الذي يمكن ان يتحقق فيه التعايش بين الاديان، فنحن لا نريد ان نجعل المسيحيّ مُسلما ولا العكس، بل نريد ان يكون هناك عيش مشترك مبنيا على التعاون الانساني، وان يقبل كل منا الاخر كما هو، نتعامل معه على أساس انساني محض بعيدا عن التعصب الديني سواء كان طائفيا ام مذهبيا».

اللقيس

واكد المفتي اللقيس في كلمته رفض الانسان «للسلوك غير الصحيح المتمثل بالتعذيب والابعاد القسري والتشريد بسبب الانتماء المذهبي، وهذه الاعمال تدلُّ على وحشية فاعلها»، مذكّراً «بحقِّ الانسان في العيش على أي بقعة من الارض يريدها وان يختار الدين والمذهب الذي يريد ويمارس طقوسه ويعيش مع عائلته على مبادئ وأُسس دينه وممارسة الواجبات الدينية من صلاة وصوم».

وقال:« هذه المبادئ وغيرها أوصى بها بعض الاديان السماوية شرعة الامم المتحدة التي عجزت عن تنفيذها، وأخصها وقف التقاتل بين الشعوب والدول وترسيخ مبدأ الاحترام في ما بينهم، ولم تستطع ان تطبق الحوار، وهو من أهم القواعد التي ترسي السلام والامن وتساعد الشعوب على المزيد من الاستقرار».

وأضاف:«جبيل احتضنت الحوار والعيش المشترك على المستويات كافة، وتقيم اللقاءات والندوات التوعوية، واصبحت مثالا يحتذى، بدءا باتفاق عنايا عام ١٩٧٥ م، ولقاء دير سيدة المعونات سنة ١٩٨٦ م. الذي يؤكد ضرورة الاستمرار على نمط العيش المشترك بين الناس، ولقاءات كثيرة تصبُّ في اتجاه تثبيت العيش المشترك بين الناس، وأهمها السينودس المُصغّر الذي أقيم في مطرانية جبيل، والذي يوصي بأن يشارك المسلمون والمسيحيون بعضهم الافراح والاتراح، ويقيموا جنبا الى جنب مثل حارة جاهجاه، ورأس اسطا، وكفرسالا، وغيرها من البلدات في قضاء جبيل».

مهنا

ودعا الاب مهنا في كلمته رجال الدين الى «اعادة الأمور الى نصابها، فالدين هو دين سلام ومحبّة ودعوة حقيقية لعبادة الله. لقد عملت في اميركا في موضوع الحريات الدينية وتعاونت مع مشايخ محليين حول مشاكل الاضطهادات والارهاب الديني الذي يقوم به بعض المسلمين باسم الدين، الامر المرفوض تماما». وتمنى على البلدية ورجال الدين في جبيل،«المحافظة على رسالة العيش المشترك»، داعيا الى «احترام الحريات وحق الانسان في السعي للبحث عن الله، والى عدم تضييع الوقت في مسائل العنف بل محاولة ايجاد الاجوبة المناسبة على أسئلة عن مواضيع كثيرة يبحث الناس عن تفسير لها وهي من مسؤوليتنا كرجال دين ان نجيب عليها».

عمرو

وأكدّ القاضي عمرو ان محافظة كسروان وجبيل «هما نواة الوحدة الوطنية منذ استقلال لبنان، والتربية الصحيحة في المناهج المدرسية هي التي تُعزّز الحوار والعيش المشترك».

السماك

وقال السماك في كلمته: «الحوار هو طريقة حياة، فنحن لا نتحاور دينيا حول العقائد، ونحن نؤمن بتعدد العقائد، فالإسلام يؤمن بالمسيحية رسالة من عند الله، ويؤمن بعذرية مريم ويقول عن الإنجيل«فيه هدى ونور»، ويقول:« فليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه«. فالإنجيل منزّل حسب النّص القرآني، ونؤمن بالمسيح t».

وأضاف:« هذه المنطلقات لا بُدّ ان تدفعنا الى الدعوة لإحياء عملية الحوار الاسلاميّ ـ المسيحيّ وفق أُسس جديدة ووسائل مختلفة ومفاهيم محددة بعد ازالة الشوائب والاساليب الخاطئة حتى لا يستمر تعثر مسيرة الحوار ولا تتشابك المفاهيم والمعايير وتزداد المعضلة تعقيدا ويتحقق ما شدّد عليه القديس البابا مار يوحنا بولس الثاني، والبابا فرنسيس».

بازجيان

ولفت عضو مجلس بلدية جبيل ورئيس لجنة الوصاية في ميتم الأرمن ـ عش العصافير في جبيل جوزف بازجيان، الى ان مدينة جبيل «هي من بين أوائل المدن التي استقبلت الشعب الارمني الهارب من المجازر التركية ومن أنقذ الشعب الارمني هم المسلمون بعدما أطلق بعض الشيوخ فتوى بضرورة حماية الشعب الارمني وتقديم كل العون له مما يؤكد ان هذه المجازر لم تكن دينية بل سياسية».

زعرور

وفي الختام أعرب زعرور عن فخره بالانتماء الى هذه المدينة «التي ربّت أجيال ولا تزال على قيم ومبادئ الحوار والعيش المشترك والتعايش، وقال: هذه المدينة التي مرّت عليها حضارات كثيرة، تناقلت هذه المبادئ فيما بينها»، واكبر مثال على ذلك الأسماء التي تطلق على اهالي جبيل ومنها اسم اسمه وسام زعرور واسم مارون اللقيس وغيرها من الأسماء «التي تدلُّ على صيغة العيش المشترك المتوارث بين الأجيال».

وكشف زعرور عن تأسيس مُبادرة بعنوان «جبيل عاصمة الحوار الاسلامي المسيحي» بمباركة من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي والمفتي الشيخ اللقيس ورئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون.

وختم كلامه مستشهدا بمقولة لشكسبير يقول فيها: «اعتن جيداً بسمعتك لأنّها ستعيش أكثر منك»، مُؤكداً أن «هذا ما نفعله في جبيل».