الذكرى الثالثة لغياب العلاّمة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله

26/09/2013
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

 

دعت مؤسسات سماحة العلاّمة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله{، إلى حضور المؤتمر الفكريّ الأوّل: تحت عنوان: محمد حسين فضل الله رائد الوحدة. والحوار، بمناسبة الذكرى السنويّة الثالثة لعروج روحه الطاهرة وذلك يوم الجمعة 26 شعبان 1434هـ الموافق 5/7/2013م. في قاعة العليّة ـ قرية الساحة التراثيّة ـ طريق المطار. خلال أربع جلسات تكلّم بها كبار الأساتذة والعلماء من اصدقاء وتلامذة الراحل الكبير.

كتب عن ذلك الأستاذ قاسم قصير في صحيفة «السفير» الصادرة في 6 تموز 2013م. في الصفحة الخامسة بعنوان: «حوار يتذكّر فضل الله... الحاجة إلى فكره في مرحلة الإضطراب». جاء فيه:

ليس غريباً أن ينطلق مؤتمر عن «رائد الوحدة والحوار»، العلاّمة السيّد محمد حسين فضل الله، من «الجهد الكبير له في مجالي الحوار والوحدة، ومواجهة الغرائز والعصبيّات». وقد افتتح العلاّمة السيّد علي فضل الله، المؤتمر أمس، في «قرية السّاحة التراثية» بالدعوة إلى «إحياء فلسفة الأخلاق وفقاً لمنهجيّة السيد فضل الله الّذي حاور في كلّ الظروف، وحاور كلّ النّاس. وإذا كان الاختلاف هو طابع الحياة، فإنَّ غياب مرجعيّاته الأخلاقيّة، يجعل الأمور تفلت من عقالها، ليتحوَّل الاختلاف إلى سلاح خطر، بينما يكون الاختلاف في حضرة الأخلاق صحيّاً وسليماً، حيث لا مفاعيل سلبيّة له».

وحذّر السيد فضل الله التيّارات الفقهيّة والمدارس الدينيَّة من «الجمود والتحجّر في الموقف والسّلوك»، مُشيراً إلى «أنّنا بحاجة إلى حركة علميّة ورؤية تناقش كلّ شيء، وتعيد تعريف المصطلحات حتّى في إطار فهم المقدّسات. وتوقّف عند رؤية المرجع السيّد لمواجهة الغلوّ والخرافة، حيث دعا كلّ مذهب إلى مراجعة نقديّة في داخله، وأكّد على المشتركات.

ورأى أنّ السيّد المرجع كان يرى أنّ الناس في عمقهم وحدويون، وأن الحقد ليس حقيقة النّاس، ودور الوحدويّين أن يذكّروا النّاس بعمقهم الّذي يطلّ على الوحدة والحوار.

بلا مواربة

نوّه مدير الجلسة الأولى رئيس «الجامعة اللّبنانيّة» الدّكتور عدنان السيد حسين، بقول السيّد فضل الله ان «هناك مذهبيَّة عشائريَّة وطائفيَّة وليست فكريَّة في معظم ما نواجهه».

واعتبر آية الله الشّيخ محمد علي التسخيري، من إيران، أن «من عرف السيّد فضل الله، عرف فيه المفكّر الذي يطرح الطّروحات الّتي يقيم عليها الدلائل، وهو المجتهد الحقّ الذي درس على كبار العلماء. فإذا تمت له عمليّة الاستدلال، راح يصّرح بها من دون أن يوقفه أحد. إنّها حقيقته التي أعلنها من دون مواربة، وسواء اتّفقنا معه أو اختلفنا، فعلينا أن نُكبِر هذه الرّوح».

وذكر الشيخ مرسل نصر «عدل السيّد فضل الله واعتداله في القول والفعل، في مثل هذا الزمن الذي تقاذف فيه المسؤولون الاتهامات، وتبادلوا السجالات، وقد تركوا أدب السياسة، وتغاضوا عن مصالح الشّعب والوطن، وتجاهلوا عمّا يحيط بنا من المخاطر الّتي تتجلّى بتسابق الدّول إلى التدخّلات، وما يعانيه الشعب من المصائب، والتفنّن في تمزيقه وإفقاره».

أضاف:«عرفناه من كبار الأئمّة المجدّدين، وكان يسعى جاهداً إلى التّقريب بين مدرسة الخلافة ومدرسة الإمامة.. وكان يسعى دائماً إلى التصوّر العمليّ الّذي يمكن أن يقبله السني والشيعي من دون كلفة على تحقيقه، ويمكن أن يحقّق الهدف الوحدويّ أو التقاربيّ، على الأقلّ بين أفراد الأمّة، كي لا يكون التشيّع عقيدةً ذاتيّة محوريّة في نفس الشيعيّ، وأن لا يكون التسنّن في نفس السنّيّ عقيدة ذاتية يتعصّب لها لتأكيد ذاته، بحيث لا يقبل أحدهما الآخر منذ البداية، بل على الجميع أن يفكّروا في مسألة واحدة، وهي أنّهم مسلمون أوّلاً، وأنّ التسنّن وجهة نظر في فهم الإسلام، والتشيّع وجهة نظر في فهم الإسلام».

فكر حديث

عبر رئيس الجلسة الثّانية المطران كيرلليس بسترس، عن افتقاد الحوار الإسلامي المسيحي للسيّد فضل الله. ثم عرض محمد السماك لـ «مشتركات الأديان الإسلاميّة ـ المسيحيّة من وجهة نظر السيّد محمد حسين فضل الله». فأشار إلى أنّ السيّد فضل الله كان يقول بأنّ المسيحيّين مؤمنون حتّى وإن لم يقولوا بنبوّة النبيّ محمّد P، لأنهم يقولون بالإله الواحد.

وتناول نجل الرّاحل، السيد جعفر فضل الله، «ضرورات الحوار الإسلامي ـ المسيحي ومعوّقاته كما كان يراها السيد فضل الله». فأكد أنه كان يؤمن بأن «لا حياة بدون حوار، حتّى كأنّ الإسلام كلّه حركة حوار. والسيّد فضل الله كان يؤسّس لاعتبار الحوار مع الآخر ضرورة فكريّة في مسألة تشكيل الهويّة الفكريّة.. لقد حوّل ساحة الحوار إلى ساحة مشتركة لاكتشاف الحقّ والحقيقة الّتي قد تكون ضائعة. فالحقيقة قد تحتاج في واقعها إلى جوانب حواريّة متعدّدة، والفكر الأقوى هو الفكر الّذي يختبر نفسه مع الأفكار المضادّة، والفكر الأقوى هو الفكر المحاور».

ورأى الأب الدّكتور فادي ضو أنَّ «فكر السيِّد فضل الله حديث، قلَّ أن نجد مثله في الشَّرق. وهو شخص جريء، يضع حتّى الإيمان قيد التأمّل والتفكّر».

وتوقّف الأب ضو عند منطلقات السيّد فضل الله في الحوار، «حيث لا مقدّسات عنده في الحوار، فيصبح الحوار طريقاً لاكتشاف الآخر، وكي يُثري الإنسان الآخر. وعند السيّد، أنّ الحوار الّذي نقيمه مع الآخر هو غنى للإنسان المحاوِر والمحاوَر. وعند السيّد، أنّ قضيّة الحوار هي قضيّة الحياة. حوار المطر مع الأرض، حوار الزّهور بألوانها.. الحياة عند السيّد تتحاور كلّها مع بعضها البعض، ولكن بصمت.. ولكن المشكلة هي أنّ الإنسان وحده هو الّذي يريد أن يفرض نفسه على الآخر.. إلا انّ السيّد يرى أنّ التعدّدية هي الأساس، وأنّ علينا أن نتواصل ونتحاور لما فيه مصلحة الإنسان، كلّ الإنسان».

الإنسان

شارك في الجلسة الثالثة الدكتورة نهلة الشهال عن «نزعة الأنسنة في فكر فضل الله»، والدكتور حبيب فياض عن «القيم الإنسانية في فكر فضل الله». وأدارها العلامة السيد محمد الحسيني (العراق). وتناولت الجلسة الرابعة موضوع «الحوار الإسلامي ـ الإسلامي» وترأسها الدكتور وجيه فانوس، وتحدث فيها الشيخ ماهر حمود عن «مرتكزات المشروع الوحدوي في فكر فضل الله»، والمحقق آية الله الشيخ حسين الراضي (من السعودية) عن حق الخلاف في إطار الوحدة عند فضل الله»(