مرثية الشهيد محمد عبد المنعم عمرو

20/04/2015
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

بقلم: حمادة علي عبد الهادي عمرو

 

بسم الله الرحمن الرحيم

(وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُون)َ سورة آل عمران، الآية 169 ـ 170.

إلى هذه الثلة الطاهرة إنضم محمد عبد المنعم عمرو شهيداً في سبيل الله.

من كلِ حدبٍ راكدٍ أمسى، ومن كل صوبٍ أدركَتهُ النُّجوم أنَّى تعالت خلفه، هو الذي حلَّق بالشهادة عالياً قاب قوسين، ضاقت به الدنيا فأخلى الوفاض ورحل بكف فارغ حمل فيه بصمةً تحت نصٍ قال فيه يوماً إذا مِتُّ أتركوا يدي خارج الكفن ليعلم الناس أني ما أخذت من هذه الدنيا الدنيئة شيئاً.

أجل إنه ّذاك البشير الممشوق بهامة الأبطال، والمخلوق من تربةٍ فردوسيةٍ أتى مع طيور الأبابيل مناصراً للحق، ورحل بنور عاد إلى النور فآب إلى أعماق الشوق الإلهي، مقدماً دمه وروحه وجسده قرباناً لنصرة الدين المحمدي الأصيل.

لقد صدَقْتَ وعد الله يا فارس الشجعان، فغدوت تمضي على ضفافِ الكوثر تغسل خضوب دمائك من جراح الغدر الناكل كفراً على الحرمات، وتلوِّح من هناك لأمك، لصفاءِ الروح وحبيبة الروح تبعث إليها تحية أهل الجنة سلاماً وتخبِرها عن سرور السابقين السابقين.

في يوم مولدك كنت صباحاً مرتَّلاً أنشودةً من أضلع الضوء على التلال، ويوم شهادتك نمت في سحب السماء تُرجِّع الأحلام في عينيكَ، لم يعد لك غاية تسعى إليها غير ذاك التوق محموماً إلى أمك تهجِّي ما تبقى من خطوطٍ في جبينها كاسياً طعم حنينها بالأماني جابلاً من أضلعك طيناً أنيساً لها، تفرُّ بصورة وجهها تطوي الفيافي في جناح حنانها من سطوة الأشواق في حمى يديك.

وإلى والدك هذا الشامخ في عليائه المتربع على عرش الفخر والعزة ترنو إليه وكأنك به تقول إن الرجال تعرف من أصلابها أبشر يا والدي بالجنة، وتابِع طريق المجد فأنا أضأتها لإخوتي وأخواتي، لمسيرٍ سرمدي حيث النجوم تملأ السماء، وحيث السحاب الذي يجلجل في كل مكان، حيث اللهفة العاشقة للحسين ذاك دربنا ومشيئتنا دائماً وابداً.

فيا بطلاً لك من أهلك وأترابك ألف ألف تحية وإجلال، يا رافع راية المجد لك من محبيك فاتحة الكتاب يهدونها لك في ترنيمة صلاة ودعاء، فابشر يا محمد بوعد الله عز وجل في قوله: (إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) سورة التوبة، الآية 111.(1)

 


 

الهوامش:

(1) مهداة الى روح الشهيد محمد عمرو، مواليد عام: 23/8/1994، البلدة: المعيصرة، فتوح كسروان

شيع بتاريخ 28/2/2015م.

والده: عبد المنعم محمد بشير عمرو.

والدته: صفاء محمد عمرو.