أُمِّي الغالية لقد بكَّرتِ الرحيل

06/09/2016
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

مُهداة إلى روح أمي

زينب عبدالسلام أبي حيدر (أم عصام) (1)

بقلم نسرين سعدالله شمص

لا أعرفُ كيف أَصِفُ شعوري. وأنا أتحدَّث عنك أيتها الغالية. الغائبة بجسدها، الحاضرة بروحها، والتي أشعرُ أنّها ما زالت من عليائها تقوم بزيارتنا، وتحوم حول منزلنا. مُتفقدّة أحوالنا، فرحةً لفرحنا، كئيبة لأحزاننا. وكوني كُنتُ الصغيرة بين إخوتي وأخواتي، فقد كانت العلاقة بيني وبينك علاقة حميمة، الأمر الذي جعلنيّ أشعر بعد رحيلك، وكأنّك ما زلت بيننا. تُعطي الأوامر والتوجيهات التي تُسدِّد خُطى مسار حياتنا نحو الأفضل وبكلِّ مسؤوليّة وخُلقيّة.

إختفيتِ فجأةً من بيننا ومن أمام أعيُننا، فلم تسمحْ لنا الصدمة القاتلة من أن نُصدّق خبر غيابك، رغم أن الموت كان يتخطَّفُ النّاس من حولنا بعشوائيّة.

وبعد رحيلك الصاعق، استرجعتُ من ذاكرة الزمن ذكريات خالدة تخبرنا فيها عن شخصيتك القوية بصبرها وجهادها وتفانيها في سبيل أولادها، لا سيما في الأوقات الحرجة في حرب لبنان الأهليّة، والتي منعت أبي مهنياً وأمنيّاً من العودة إلى منزلنا لبضعة أشهر، فكنتِ أنت وقتها وخلالها، الأب والأم في وقت واحد، فدأبتِ على الإهتمام بشؤوننا المدرسيّة والمعيشيّة، وكنت فيها تزرعين الأرض البُور حول منزلنا بالخضار والبقول. لتخففي عنَّا أعباء المعيشة الصعبة.

لقد علّمتِنا يا أُمي حُبَّ النّاس وإحترامهم، وزيارة الأقارب والقيام بالواجبات الإجتماعيّة.

وعندما كان يشدّني الشوق لزيارة قبرك الحبيب لقراءة الفاتحة عن روحك الطاهرة، كان الحزن العميق يضغطُ على دموعيّ لتنفجر، وتتساقط بغزارة فتفضح سر ما يعتلج في داخلي من عذاب البُعد، وألم الفراق وكنت أشعر حينها أنّ الحياة بعدك خاوية من الحبِّ شحيحة بالحنان...

إنَّ غيابك يا أُمي خطف وميض الفرح من أعيننا والسعادة من قلوبنا.

أُميّ الحبيبة! إنّ الحبَّ يُقرِّبُ القلوبَ والمسافات والموت يُفرِّق الجماعات، وتبقى الروح هي صلة الوصل بين الأحياء والأموات وهذا ما أشعرُ به في غيابك الطويل.

لك مني الدعاء بالرحمة والغفران والراحة الأبدية والله كريمُ رحيم، سميعُ الدُعاء، قريبُ الإجابة.

 

الهوامش:

(1) المرحومة زينب عبد السلام أبي حيدر (أم عصام)، زوجة سعدالله قاسم شمص، إنتقلت إلى رحمة الله تعالى، في 21 أيلول 2015م.

(2) أولادها: عصام، أحمد، ثائر وفادي.

 

(3) بناتها: لواحظ: زوجة الدكتور سمير محمد حيدر أحمد، سامية: زوجة محمد نايف حيدر أحمد. عيدا: زوجة جميل همدر. ﭬيرا: زوجة محمد عسيلي. نسرين