الأستاذ عبد الرضى الحاج علي الحاج مُسلم عمرو سيرة طيبة ومسيرة عطاء

25/11/2019
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

بقلم الحاج بيلال وهبي عمرو

عندما يتحدث الإنسان عن رجالاتنا الكبار أبناء عائلة آل عمرو يعجز التفكير والحديث والذاكرة عن أعمالهم وعطاءاتهم، فهم بالفعل والعمل القدوة الحسنة والذكرى الخالدة الطيبة لمسيرة الأجداد.

حديثنا اليوم عن قامة وشخصيّة رجل ولد وترعرع وعاش حياته في بلدة المعيصرة، عنيت به المرحوم الأستاذ عبد الرضى الحاج علي مسلم عمرو، كان اسمه مرتبطاً ببلدة المعيصرة ومن رجالاتها الّذين نفتخر بهم. ولد المرحوم أبو وائل في بلدة المعيصرة عام ١٩١٧م. بدأ مشوار حياته بتعلمه القرآن الكريم على يدي خالته «أم نجيب» في مدرسة لتعليم القرآن الكريم وتابع تعليمه في بلدة الزعيترة ومدرسة مار مخايل (القرن) في المراديّة، وقد تابع تحصيله العلمي في ظروف صعبة وقاسيّة، بعدها انتقل إلى بلدة بشتليدا في قضاء جبيل ودرس القرآن الكريم واللغة العربيّة عند فضيلة الشيخ أحمد همدر q، لقد كان همه الأكبر العمل على تعليم أبناء بلدته وعائلته القرآن الكريم واللغة العربيّة، حيث قام بافتتاح مدرسة لتعليم القرآن الكريم وسعى لها بالترخيص من وزارة التربيّة بمعاونة الأستاذ الفاضل المرحوم صبحي حيدر مدير عام الوزارة، وبعدها تابع جهده وعطاءه بأن استحصل على رخصة مدرسة رسميّة بمرسوم جمهوريّ أيام الرئيس الراحل إميل أده.

وبدأ يعلم أبناء البلدة القراءة والكتابة ويبذل الجُهد المتواصل والسهر على تعليم الأولاد أصول القراءة والقرآن الكريم. كان رحمه الله تعالى طموحاً فلم تتوقف أعماله عند هذا الحد، فسعى للعمل في مصلحة سكك الحديد حيث عُيِّنَ بإدارة مشروع مُهم في شركة «سكك الحديد الانكليزيّة» تنفذ المشروع الذي كان يعمل فيه ما يقارب ١٨٠ عاملاً من أبناء منطقة الفتوح تحت رعايته. بعدها انتقل عمله الى وزارة الأشغال العامّة التي تهتم بتنفيذ شقّ الطرق وقد أوكل إليه الاشراف على طريق بعبدا ـ اللويزة نظراً لتفانيه في العمل، وبقي قرابة ثلاثة أعوام يعمل حتى انتهى المشروع على خير ما يرام.

بعدها انتقل إلى وزارة الزراعة وكان مركز عمله في مدينة صيدا وتابع مشوار حياته وعمله ونسج شبكة من الصداقات والعلاقات مع عائلات الجنوب الكرام حيث تعرّف إلى الزعيم الوائليّ، ابن العم المرحوم أحمد بك الأسعد وانتمى إلى «حزب النهضة» حيث تمّ تكليفه بافتتاح فرع للحزب في قرية المعيصرة وكانت أهداف هذا الحزب انمائيّة ووطنيّة وثقافيّة ولا علاقة له بالطائفيّة.

كما لا ننسى خدمة «أبي وائل» مع المرحوم والده للمعيصرة من خلال ترميمهما للجامع القديم وبناء مئذنة له عامي (١٩٤٧ ـ ١٩٤٨) بالتعاون مع نائب المنطقة جورج بك زوين والحاج سعد الدين فروخ. وغيرها من خدمات جليلة. وأهمها رئاسته للجنة الوقف في المعيصرة مع خاليه السيدين المرحوم نجيب علي أفندي الحاج حمود سعد الدين عمرو وشقيقه المرحوم عبد الهادي منذ سنة ١٩٤٨م. ولغاية سنة ١٩٨٣ م.

إنّ الحديث عن ذكريات المرحوم أبي وائل لن تختصر بصفحات اذ يلزمها مجلدات للذاكرة. وأن مجلة «إطلالة جُبيليّة» قد قامت منذ سنوات بمقابلة جميلة وغنيّة عن ذكريات هذا الراحل الكبير مع العائلة وقد تكلّم عن بعض الذكريات والأحاديث عن الجيران والعائلات الأخرى (١) والمحيط فكان منزله في بلدة المعيصرة دار الكرم والعطاء وقد علم أبناءه هذه الخصال الحميدة فلا تلتقي بأي شخص كبير في السن إن كان من جبيل أو فتوح كسروان أو من الجنوب أو من مدينة بيروت إذا سُئِلتَ وسألت من اين أنت؟ وأجبت أنّك من المعيصرة من آل عَمرو أول ما يخطر على بالهم الأستاذ عبد الرضى q، لما له من حُسن خلق وضيافة ولباقة وخدمة للنّاس بتواضع وبما يرضي الله سبحانه وتعالى، وأنا بحكم علاقتي ومعرفتي بالمرحوم أبي وائل منذ نعومة أظافري ولغاية وفاته q، عايشته وكنت على تواصل دائم معه فكلما التقينا أثناء إقامته في بيروت أول ما يطرح علينا السؤال كيف أهل المعيصرة؟ إن شاء الله الجميع بخير؟ وبعدها يبدأ بحديثهٍ عن المعيصرة وعن سؤاله عن الزرع وعن المياه وعن الحفاظ على أرض البلدة كما كانت قديماً، لأنّه يحبُّ المعيصرة ويحبُّ أرضها وشجرها وهواءها. لقد كانت له اهتمامات كثيرة وخاصة بالمشروع الأخضر الذي عمل معه فترات طويلة وبذل الجهد من أجل استصلاح الأراضي الزراعيّة وشق الطرقات للأراضي وغرس الأشجار المثمرة والتي ما زال بعض منها دالاً على عمل أبي وائل المتفاني من أجل بلدته المعيصرة ـ أبا وائل رحلت عنا جسداً ولكنك ستبقى ذكرى خالدة في اذهان أهلك وكل من عرفك ونحمد الله تعالى على الارث الكريم الذي تركته بيننا وهو محبّة بعضنا بعضاً، نمْ قرير العين وليرحمك ربّ السماء والأرض، وأننا على فراقك لمحزونون.

 

 

الهوامش:

  1. أجرى المقابلة معه (ر)، الأستاذ حمادة علي عمرو من قبل مجلة «إطلالة جُبيليّة» في العدد الثاني الصادر في كانون الثاني (يناير) ٢٠١١ الموافق لشهر صفر ١٤٣٢ هـ. في الصفحات ١٤ ـ ١٥ ـ ١٦ ـ ١٧.