رابطة مخاتير قضاء البترون والأستاذ حيدر حيدر

25/3/2019
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

 

كلمة الأستاذ شوقي توفيق مرعي (1)

نلتقي اليوم في حاضرةِ حُسينيّة ملؤها دفءٌ وإيمانٌ وتقوى.

نلتقي ليس حُباً بالظهور أو سعياً وراء إطلالةٍ إعلاميّة، إنّما في هذا الزمن الرديء المليء بالعواصف والفِتن وفي زمن قل فيه الأوفياء، كان لا بُدَّ من كلمة تُقال في الذكرى الأربعين لمختارٍ عزيزٍ وفيٍّ وخلوق، ألا وهو: مختار بلدة راشكيدا q.

تعرفت إليه في الثمانينيات، وهو صديقٌ للعائلة ولوالديّ q، بنوعٍ خاص.

كان يستوقفني سلامَه الحار مع قبلةٍ فيها حرارة المحبة ودفءُ الصداقة والاحترام.

سألت من هو هذا الرجل المُمتلىءُ بالعاطفة والحنان.

قيل لي يومها إنّه من بلدة راشكيدا الجارة العزيزة، وصاحبُ مركزٍ مُهم في المحكمة الجعفريّة في بيروت سابقاً.

مرّت الأيام وابتدأ المشوار إلى أن تولى مَنصِبَ مُختار. فتعرفتُ عليه أكثر.

متمسكاً بكتلةِ من التهذيب قَلَّ نظيرُها وصَعبٌ تفتيتُها.

وتواصلنا أكثر في الحقلين الاختياري والاجتماعيّ فتمسكنا سوياً بالقيم الإنسانيّة الجامعة حيث المًعبرُ الواحد العابِر للطوائف والمذاهب.

حقاً هكذا كان وأنا شاهدٌ على ذلك.

أمّا اليوم وقد رَقدَ السلام حزيناً ليرتاح، ونامت الصداقة في وسادة الحقد والانقسام، وضاق قفصُ الاحترام في مجتمعٍ تفكك وهرول نحو المجهول.

تقولون لي أيها الأخوة وأيتها الأخوات عائلة الفقيد الغالية عن ماذا تبحث!

أبحث عن معدنٍ لا يتآكله الصدأ... كما كان مختارنا الغالي.

أبحث عن اشعاعٍ يحطم الحقد والجهل في مجتمعاتنا.

أفتش عن السلام والإستقرار الدائمين.

ومن ثُمّ التقيته قبل أن تلتقيه المنية بأيام، رافقتهُ قبل أن تخطفه يدُ المنون وهو في عزِ عطائه ونُبلِ رسالته.

استمعت إليه كثيراً ولم أكن ادري أنّ صاحب القلب الكبير والختم النظيف يستعد لمغادرة هذه الفانية.

فيا أخي علي سجل،

فإن تمكن الموت من إسكات صوته. لم ولن يتمكن من سلخنا عن بلدته وعائلته وزملائه وعارفيه.

فيا علي سجل،

سنبقى حراساً للوفاءِ وللقيم، لأنّ دفتر العداوة عنده أبيض خالٍ من أي اسم. ودفتر الصداقة عنده ضاقت صفحاته بالأسماء من كل صنف ولون.

إنّ مختاراً يحمل هذه الصفات هو قيمة مضافة في سجل رابطة مخاتير قضاء البترون.

أيّها الغالي: نمْ قرير العين في جنات الخلد فإرثك باقٍ حقاً ودِرعِكَ آتٍ لا مَحالة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الهوامش:

(1) كلمة المختار شوقي توفيق مرعي عن رابطة مخاتير قضاء البترون.