الحاج صالح عبدالله شمص في أمان الله

9/10/2017
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

 

بقلم مستشار التحرير د. عبد الحافظ شمص

إنّ الله، جلَّ شأنه وعلّتْ قُدْرتُه، خَلَقَ الأرضَ والسماء وما بينهما، وخلق الخلق، لحكمة بالغة أرادها وقد عَصيت على العقول والمدارك التي لم يتسَنَّ لها إدارك وفهم كُنه هذا الذي لا أوَّل له ولا آخر...

هذا السرّ العظيم لا قُدرة لأيّ إنسان بلوغه، لأنّ الكون أَعظم مِنْ أن يَحدَّه عقل وبصر...

وعندما ينفصل الإنسان عن قراره المكين ويبرز إلى هذا العالم الفسيح بشراً سويّاً، يخرُّ العقل ساجداً ساجماً أمام دقّة صُنْعِهِ وعجيب خصائص أجهزته التي تُميّزه عن سائر المخلوقات...

حكمة بالغة، أرادها اللهُ سبحانه وتعالى، حيث كانت الحياة وكان الموت، ثنائيّة التكوين...

وفي العلم، فالأجناس الحيّة تبدأ صغيرة ثُمّ تكبر، ومن ثُمّ تعود القهقرى حيث المصير المحتَّم...

والفقيد الغالي، الحاج صالح بن عبدالله بن خليل بن مشرف بن حسين بن أحمد بن الحاج علي شمص الذي افتقدته عائلته وكان أكبر الأحياء في العشيرة سنّاً، وَدَّعته بلدة برج البراجنة حيث كان اتخّذها مقرّاً دائماً له وهو في ريعان الشباب في أوائل الخمسينيات، وهو المولود في بلدة يحشوش الكسروانيّة في العام 1921 حيث كان جدّه حسين أحمد الحاج علي شمص شيخ صلح يحشوش لأكثر من أربعين عاماً بإجماع سكان تلك البلدة والجوار، كما كان قريبه الشيخ خليل مشرف شمص الذي خلفه في المنصب ولمدّة طويلة أيضاً في أواخر القرن التّاسع عشر وأوائل القرن العشرين.

كانت الإعلاميّة الكاتبة النّاجحة الحاجّة سلوى أحمد شمص عقيلة سماحة القاضي الشيخ الدكتور يوسف محمد عمرو صاحب ورئيس تحرير هذه المجلّة العزيزة، أجرت مُقابلة مع المرحوم الحاج صالح نُشِر في العدد المزدوج (22 ـ 23) الصادر بتاريخ 15 (ابريل) 2016م. تحدّثت فيها عن حياته الحافلة بالعمل والكدّ، وعن طفولته ونشأته في يحشوش وفي بيروت وفلسطين وعن خدمته في الجيش الفرنسيّ إبّان تواجده في لبنان، وعن عمله في الخليج العربيّ كطاهٍ ناجح في أكبر المطاعم...

عاش حياته كريماً صادقاً، ملتزماً بأمور دينه ومذهبه، قريباً من الجميع ويحبّه كلّ من عرفه وأَنِسَ بجيرته وجواره ومعرفته للأصول والأنساب في عائلته وفي غيرها من العائلات الجُبيليّة والكسروانيّة.

ونحن وعندما نذكر الحاج صالح، يطيب ذكرُهُ، فهو q، في ذروة الكمال، ومن النّخبة، سيبقى حيّاً في ذمّة الجميع وفي المجتمع الذي عاش فيه، ولن يبرح... هو الذي ارتقى فوق الأبعاد، وسار في دروب الخير والبركة فأعطى من قلبه وذاته وشعر بجلال التطلُع نحو الأفضل في مسيرة حياته ومهابة العطاء وشموليّة المعرفة التي حملها وتمرَّس بها فأضافت إلى حياته q، مَهابةَ التقدير والإحترام...

ولقد حفظنا له في ذاكرتنا، المواقف العديدة والإسهامات الكبيرة في أكثر من مجالٍ إجتماعيّ وإنسانيّ... ونحن نفخر جدّاً بقرابته حيث رافَقْنا حياتَهُ منذ خمسينيّات القرن الماضي، وعرفناه عن كثب مُحبّاً وفيّاً وصاحب طموح وطنيّ وإنسانيّ...

وأخيراً، فلكلّ يوم حكاية ولكلّ مخلوق نهاية... ونتطلّعُ إلى الحياة وهي تهرب منّا لتلحق بسابقاتها... لَيْلٌ يعقب نهاراً، وغصّة تعقب بسمة ولا شيء يدوم، فلا حول ولا قوة إلاّ بالله العليّ العظيم، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون...

فإلى جنّة الخلد أيُّها الراحل الكريم، والله معك. يرحمك ويثيبك ويُسدّد خُطى أبنائك ليكونوا على خُطاك يعملون بهديك وينعم عليهم الله تعالى برضاه وتوفيقه.