رحيل محمود أسعد حيدر أحمد

18/5/2017
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

بقلم الأستاذ كميل حيدر أحمد

بين رونق الحياة ومأساة الوفاة، وبين ضباب مسالك الدنيا وأنوار مسيرة الآخرة، وبين حطام حلقات العمر الفانيّ وسمو مواهب الروح الخالدة، وبين عدالة الخالق لبني البشر على اختلاف مقاماتهم وتنوع مشاربهم الدينيّة والدنيويّة، وخلال حلول هذا الجو المفعم بالأسى واللوعة يوم السادس والعشرين من شهر شباط 2017م. رحل فقيدنا الغالي المرحوم محمود اسعد حيدر احمد المولود في مزرعة العين قضاء جبيل سنة 1940 ميلاديّة، ولما ترعرع وكبر، تابع دروسه في بلدة المنصف في قضاء جبيل وبعد ذلك عُيّن في قوى الأمن الداخليّ سنة 1967م. حيث تدرج إلى رتبة رقيب أوّل وقد حاز على وسامي الإستحقاق والشرق العسكريين وتزوج من نوال حيدر احمد حيث رُزق منها ولدان وبنت. انّه ابن قرية وادعة زرعت فيه روح العطاء والمحبة للجميع وأحيت في سلوكه احترام التقاليد ومودة التراث أنّه كان مؤمناً ملتزماً بعقيدته متابعاً لصلاته وقد ربى أولاده تربية صالحة وجاهد في سبيل أنفاسهم، وبحكم وظيفته خدم في مناطق عديدة من وطنه حيث عايش الأحداث الأليمة التي عصفت بلبنان ومضى منفذاً لحكمة الإمام عليّ [خالطوا النّاس مخالطة إن مُتم معها بكوا عليكم، وإن عشتم حنُّوا إليكم (1)]. وواجه تلك المخاطر بعنفوان وشجاعة وكان محبّاً للحريّة والعدالة الإجتماعيّة ورائداً للحياة الكريمة.

إنّه كان قد تأثر بنهج الإمام الصدر (اعاده الله إلينا سالماً) ومقلداً سماحة الإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين(قده) وبعد أن تقاعد في سنة 1995 بفترة وجيزة أُصيب بمرض أتعبه كثيراً وخلال المدّة الأخيرة ألزمه المنزل حيث تدهورت حالته الصحيّة ولما شعر بإقتراب وداعه أوصى عائلته بالصلاة والصبر والحكمة وبعد أن فارق الحياة دُفن في مسقط رأسه مزرعة العين» ولدى مرور أسبوع على وفاته أُقيمت له ذكرى أسبوع في قاعة آية الله العظمى السيّد محمد حسين فضل الله (قده)، وذلك بوجود لفيف من العائلة وجمع من محبيه ومعارفه وبحضور أصحاب السماحة والفضيلة حيث ألقى سماحة مفتي جبيل وكسروان الشيخ عبد الأمير شمس الدين كلمة قيّمة مستوحاة من واقع الحال مركزاً فيها على الوحدة الوطنيّة والعيش المشترك والإيمان بالله الواحد، وشدّد على دور المرأة بصورة عامّة في بناء المجتمع الوطنيّ الصالح كما أشاد بها بعض الشعراء سابقاً قائلاً:

الأم مدرسة إذا أعددتها

أعددت شعباً طيب الأعراق»

وهي تهزُّ السرير بيمينها تهز العالم بيسارها.

وتناول أيضاً جهاد الرجل في انعاش عائلته واحترام أعضائها ورعايتهم وهدايتهم إلى الطريق المستقيم وأشار إلى الخطر الإسرائيليّ على شعبنا وتمنى القضاء على الفساد والإفساد لإقامة دولة ينشدها جميع اللبنانيين تحافظ على أموال الشعب وترعى شؤونه وفي النهاية لهذه الذكرى نسأل الله أن يُسكن فقيدنا فسيح جنانه ويتغمده برحمته وأن يلهم عائلته ومحبيه الصبر والعزاء(2).

الهوامش:

(1) نهج البلاغةج4، ص 508، الكلمة رقم 9.

(2) جاء في ورقة النعي:

أرملته: نوال دعيبس حيدر أحمد.

أبناؤه: فادي، شادي.

شقيقاه: المرحوم علي أسعد حيدر أحمد، المرحوم حسين أسعد حيدر أحمد.

شقيقاته: اسما أرملة المرحوم محمد اسماعيل حيدر أحمد، جميلة أرملة المرحوم خليل حيدر أحمد، زهوة أرملة المرحوم علي محمد حيدر أحمد، بهيجة أرملة المرحوم محمد محمود حيدر أحمد. عفيفة.

شُيع إلى مثواه الأخير في بلدته مزرعة العين بمأتم حاشد عصر يوم الإثنين في 27 شباط 2017م.