أنيس احلامي

08/01/2011
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

إستيقظت ذاك الصباح مع طلوعِ الفجرِ للصلاةِ والدعاءِ، وتوجهتُ إلى حُجرتي المواجهة لمكتبي، وبعدما أنهيتُ صلاتي، سمعتُ صوتاً يناديني: إمسكيني، إحملينيّ، وخُطيّ بأناملكِ عبارات الفرح التي تبدو على وجهكِ، إلتفتُ نحو مكتبي لأرى مصدر هذا الصوت، فإذ به قلمي الحبيب يحاكيني، فقلتُ له: هذا أنتَ أَيُّها الصديق، كيف عرفت أنّي مُبتهجة؟. أجابني: عيناك تلمعُ بريقاً، ووجهك يقطر لوجهي نوراً، قلت: هذا صحيح يا رفيق كتاباتي، يا من أَرويت العُطاشَ من المعرفة وطعمك غذاءٌ للعلم، يا من تشرب الحبر لترويَ عطش الفكر، نعم أنّت صغيرٌ في اليد ولكنك كبير في العطاء، نعم أنا سعيدة بأحلامي، سأنّصُّ عليك ما رأيتُ في حلمي هذه الليلة: رأيت في منامي بعد إنتظارٍ طويل أنيس أحلامي آتياً قربي يناديني نظرت إليه، وقلت: أبي، هذا أنتَ يا عزيز فؤادي، ولكن كيف هذا؟ أيُعقل أنّك معي من جديد؟ كان ينظر إليّ مُبتسماً، لم ينطق بكلمة واحدة، وأنا أنظر إليه باسمةً مسرورة، أتذَّكرُ شريط حياتي معه منذ الطفولة التي عشتها بأروع لحظاتها، ذاك العالم الزاخر بالمرح والإنطلاق، العامر بالأماني والآمال، خضتُ طفولتي دون أن أُرهَقَ بآلامها أو أُربَك بأحكامها.. حتى وصلتُ بنظرتي إليه إلى ذكريات الصبا، تلك الفترة التي إمتزجت بالحبِّ دون رياء، والصداقة الصادقة، والصدق دون زيف، تلك الفترة التي تزوّدتُ فيها من تربيتكَ زاداً يُرشدني ويساعدني على شقّ طريقي في الحياة، وبينما كنت أُمعنُ النظر إليه بسعادة لا توصف إستيقظت على صوت آذان الفجر فقمتُ للصلاة والدعاءِ كما رأيتي أيُها القلم الطيب، نعم مسرورة لإنني رأيته من جديد بعد إشتياقٍ طويل وَحُزن على الفراق، أكتب الآن بواسطتك هذه العبارات التي تخففُّ عني الحُزن والعبرات.

وبعدُ، يا لضياعي بعد أبي.. ما أراني إلا تائهةً بين أمواج الحياة أتحسرُ بقلبِ وَالهٍ على فُقدانه، وكم كنتُ أتمنى بقاءه سنواتٍ أطول، ولكنَّ الموتَ خُطّ على وِلْدِ آدم لا مَفرَّ منهُ ولا مَهربَ عنه، ولكن الحمد لله على كل حال والحمد لله على بقاء أُميّ وقلمي إلى جانبي في أصعب الظروف واللحظات...

خديجة سمير عمرو

مُدّرسة في ثانوية المعيصرة النموذجيّة الحديثة.