النقد الأدبي

25/6/2018
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

بقلم مستشار التحرير الدكتور عبد الحافظ شمص

إنَّ أسوأ خصائصنا الفكريّة في تقديري، تتمثل في الإعتقاد بالصَّواب المطلق، حتى في فروع الفروع وتفصيل التفصيلات... واعتقاداً هذا شأنه، لا بُدَّ من أن ينعكس سلباً على العمل بشكل عام.

إنّ كل عمل أدبيّ، بحاجة إلى تقويم وإلى تحليل، ومن ثُمّ إلى نقد، إلاّ إذا كان تامّاً وواضحاً لا لَبْسَ فيه ولا إبهام...

عندها لا يجوز التعرُّض له بأيّ شكل من اشكال النقد والتجريح...

والذي يعترض على ذلك، ويعتبر نفسه صاحب نهج مُختلف وأسانيد مُختلفة وَمُميّزة، عليه أن يُدافع عن رأيه ومنهجه بأسلوب علمي مبدئي يثبت من خلاله أنّه على حق، وأنَّ العمل الأدبي المشكو منه، فيه من الخلل ما يوجب النّقد... ولدينا الكثير من النماذج البشريّة المختلفة التي لا نتفّق معها... وخصوصاً إزاء التشهير لكلّ عمل، إن كان صالحاً أو غير صالح... المهم أن ينتقدوا وَيُجرّحوا، في كثير من الأحيان... وهذا أسوأ أنواع النَّقد.

نحن لنا منهج، وعلينا أن نُنْصف... لدينا عقل وفي مفهومنا أن نعقل... والأسانيد في تصوّرنا هي ما يُساند أفكارنا ومنهجنا ونتاجنا المتنوّع... وفي هذا المضمار، فإنّ معظم الأعمال تتعرّض للتدقيق والتمحيص والنْقد... لكن على النّاقد أن يتلمَّس الحقيقة والواقع والقصد، حتى في أدقّ الألفاظ والإشتقاقات، من أجل أن يصل إلى فهم واستيعاب المعنى الأساس للمادّة الأدبيّة، وليقتنع في ما بعد، بصوابيّة أو عدم صوابيّة، فيبني عندئذٍ على الشيء مُقتضاه، تجريحاً وتقريضاً، وإلاّ فسيكون الخلاف كبيراً ويتفاقم إزاء كلّ محاورة أو حوار، بإعتبار أنَّ المحاور لا يتحمّل حدّة المعاني وَبُعْدها عن المألوف الكلاميّ...

من هُنا، يتكوّن لدينا نحن الّذين نكدّ ونتعب ونجهد أنفسنا من أجل تنوير الأذهان وتسهيل منطلقات الحرف والكلام وتبسيطه أمام القرّاء الأعزاء، ليحلّ محلّ العادي والمُمِلّ وليرفد حركة الوعي في عقولهم شاؤوا أم أبوا، لأنّ ذلك من أَهمّ احتياجاتهم اليوميّة والمستقبليّة، وكأنّ ذلك أيضاً يسدّ جزءاً من فراغ، أَحْسَبُه قائماً... ولعلّه جُهد يستحق المناقشة والتقويم الإيجابييّن.

يبقى على القارئ الكريم، الذي يلتبس عليه قَوْلٌ أو كتابة مُبهمة وغير مألوفة لديه، والتي يكون فيها من البيان ما يُستلذّ بتلاوته أو سماعه، أن لا يحكم بسرعة على ما يراه أو يسمعه، لأنّه غير خاضع لوعيه أو مناسب لمداركه، فيتعيّن عليه إذاً، أن يتفهَّم المعنى والمضمون، ويعيهما بعد أن يُمحّص وَيُدقّق ويُراجع ويناقش وَمِنْ ثُمّ يحكم إذا كان من أهل علمٍ ومعرفة...