من أعلامنا حمود أفندي ناصر

09/04/2011
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

تتابع مجلة »إطلالة جبيليّة« إلقاء الضوء على بعض الشخصيات المرموقة في تأريخ المسلمين في بلاد جبيل وكسروان، والتي تركت بصماتها في كثير من الأعمال التي قامت بها لا سيما على صعيد تعزيز العيش المشترك. وفي هذه العدد نتناول شخصيّة القاضي حمود أفندي ناصر. وكان من الشخصيات المميزة التي رفضت الإنصياع للرشوة والواسطة.

علم من اعلام القضاة والمحامين في لبنان، ومن أعلام المسلمين الشيعة في فتوح كسروان، وبلاد جبيل، عاصر ثلاثة عهود، وكان من أعلامها وأعيانها المشار إليه بالبنان، ترك ذِكراً حميداً عند معاصريه وأصدقائه، ومحبةً في قلوب أرحامه من العشائر الحماديّة في جبل لبنان والبقاع. كما ترك لنا أُسرةً طيبة صالحة كان لعميدها المرحوم الأستاذ عبد الله حمود ناصر الدور الكبير في مسيرة القضاء العدلي في لبنان.

والعهود الثلاثة التي عاصرها هي: أواخر أيام متصرفيّة جبل لبنان حيث شغل منصب مدير لناحية المنيطرة، وعضو لمحكمة كسروان. كما ترشح أكثر من مرتين ضد المرحوم محمد أفندي الحاج محسن أبي حيدر عن المقعد الشيعي في كسروان ولم يحالفه الحظ، وفي أيام الإنتداب الإفرنسي للبنان شغل منصب عضو في محكمة البترون، ومن ثُمّ حاكم صلح في الهرمل، ومن ثُمّ عضو في محكمة الكورة، ومن ثُمّ عُيّنَّ رئيساً لمحكمة مرجعيون، ومن ثُمّ لمحكمة صور، ومن ثُمّ لمحكمة حاصبيا، وقد أُحيل على التقاعد في 26/5/1930م، وفي أواخر ايام الإنتداب الإفرنسي، وأوائل أيام الإستقلال كان محامياً حيث تسجلّ في نقابة المحامين لدى كافة المحاكم اللبنانيّة، في 14/6/1931م، وأُحيل على التقاعد من المحاماة سنة 1951م.

أ ـ بطاقة شخصيّة:

في لقاء وحوار مع حفيده الأستاذ فادي عبد الله ناصر مدير البنك اللبنانيّ ـ الكندي في المركز الرئيس ـ بيروت، أفادنا عن البطاقة الشخصيّة للمرحوم جده، فقال:

هو حمود بن عيسى بن حمود بن حسين بن عليّ بن ناصر من آل ناصر.

والدته: سعديه مرعي من الحصين، مواليد الحصين في 2/12/1873م، تابع دراسته المدرسيّة وإختصاصه بالحقوق على يد أساتذة مختصين.

تأهل عام1888م، من زهوة مرعي وأنجب منها:

1) موسى ولادة: (1889) كان موظفاً.

2) تميمة ولادة: (1890) تزوجت مختار بلدة الحصين دعيبس خليل قبلان.

3) عبد المجيد ولادة: (1892) كان موظفاً.

4) مُحمّد ولادة: (1894) كان موظفاً.

5) بدر النعام ولادة: (1906) تزوجت أحد شباب قريتها من الحصين.

ثُمّ تأهل من فاطمة عبد القادر علي يونس من البترون في 10/3/1921 وأنجب منها:

6) خديجة ولادة: (1921) توفيت صغيرة.

7) حكمت ولادة: (1923) كان في سلك وزارة الخارجيّة اللبنانيّة ، حيث مثلَّ لبنان في عدّة بلدان أفريقيَّة وعربية كقائم بالأعمال ، وترك أثراً طيباً لدى الجالية اللبنانية حيثما حلَّ ، كان يشغل في آخر أيامه مدير العلاقات الخارجيّة في وزارة الخارجيّة.

8) عبد الله ولادة: (1924) كان في سلك القضاء العدلي، شغل في آخر أيامه رئيساً لديوان المحاسبة، وكان له الفضل  بتأسيس صندوق تعاضد القضاة، ورابطة قدامى القضاة، وكان أوّل رئيسٍ لهما.

9) عبد الجليل ولادة: (1926) كان في سلك وزارة الماليّة، وقد شغل في آخر أيامه مديراً لخزينة الدولة اللبنانيّة وبعد تقاعده شغل منصب مُستشارٍ لحاكم مصرف لبنان توفي أعزبَ.

11) أحمد رضى ولادة: (1928) توفي أعزب.

ب ـ سيرة المرحوم حمود أفندي ناصر:

والذي أخبرنا به الأستاذ فادي عن سيرة المرحوم جده نقلاً عن المرحوم والده عن تدرج الجد في الوظائف كان على الشكل التالي:

23/11/1898 مدير ناحية المنيطرة ـ كسروان.

8/2/1900 عضو محكمة كسروان.

31/11/1905 عضو محكمة البترون.

23/1/1906 عضو محكمة كسروان.

1/2/1919 عضو محكمة البترون.

10/7/1919 حاكم صلح الهرمل.

25/7/1922 عضو محكمة الكورة.

12/2/1923 رئيس محكمة مرجعيون.

23/4/1923 رئيس محكمة صور.

3/6/1929 رئيس محكمة حاصبيا.

26/5/1930 أُحيل على التقاعد من القضاء.

14/6/1931 سجل حمود ناصر في جدول المحامين لدى كافة المحاكم في الجمهوريّة اللبنانيّة.

1951 تقاعد من المحاماة.

عايش M، المجاعة، والحرب العالميّة الأولى والثانيّة، وذكر في مذكراته أنّه في 23/3/1914م، تناثرت الجثث على أطراف الطريق البحري في جونيه، وافاد بوليس بلديّة جونيه في حينه أنّه تمَّ دفن 1600 جثة من الغرباء عن جونيه الّذين كانوا يموتون جوعاً على الطرقات خلال فترة ستة أشهر.

وفي 16/8/1914م، توفي من الجوع في قرية الحصين علي يوسف، وأولاده: يوسف، وأمين حسن وإبن ولده ملحم وزوجته، ونادر مرعي يوسف وأخوه بركان ومرشد محسن يوسف وأخته آمنة ووالدته نزهة، ومحمود دياب ضاهر، وعباس دياب ضاهر.

أحبَّ رحمه الله تعالى، الزراعة وتطويرها حيث باشر في شهر شباط 1928م، بإستخراج نبع ماء من المياه الجوفيّة في قريته الحصين، وأنجز ذلك في شهر تشرين الأوّل 1928م، بكلفة مائة ليرة ذهب عثمانيّة.

كان رحمه الله تعالى، من الشخصيات المرموقة في فتوح كسروان، نظراً لعدالته وثقة  المتقاضين به، ولعدم إنصياعه لأي واسطة أو مداخلات من السياسيين والشخصيات، ولرفضه الرشوة تعرَّض من أولئك السياسيين للمكر به ولعزله عن القضاء مرتين، كان يعود بعدها لوظيفته بعدما تبيَّن لرؤسائه أن العزل كان نتيجة إفتراءات عليه لرفضه الرشوة والواسطة في القضاء.

توفيMفي:2/9/1958م،في بلدته الحصين، ودفن في مدافن العائلة وقد شارك في تشييعه والتعزيّة به كبار الشخصيات السياسيّة، والدينيّة، والإجتماعيّة وجمع كبير من العائلات الإسلاميّة والمسيحيّة في قضاءي جبيل وكسروان.

وفي لقاء قديم، وسابق مع الحاج نزيه حسن عمرو من المعيصرة أخبرني: أنَّ المرحوم حمود أفندي ناصر  قام بتقديم منزله في الحصين كمدرسة مؤقتاً لتعليم القرآن الكريم والكتابة والحساب بإدارة المرحوم الشيخ عباس الحاج حسن (من قرية قرقريا). وأنّ منزله في الحصين كان يجمع أبناء المعيصرة وزيتون والحصين، وقد درس المرحوم والده حسن علي الحاج كاظم عمرو وعمه المرحوم المحامي محمد توفيق الحاج علي كاظم عمرو وغيرهما من أبناء المعيصرة وزيتون في قرية الحصين(1).  

ج ـ نشوء قرية الحصين:

قال الأستاذ طوني بشاره مفرّج في كتابه:الموسوعة اللبنانيّة المصوّرة الجزء الثالث في الصفحتين:92ـ93 تحت عنوان: نشوء القرية:

بعد الفتح العثمانيّ، قدّمت إلى فتوح كسروان أسر شيعيّة من مناطق بعلبك، إذ تولى الحماديون على المنطقة فسكنوها مع الأسر الشيعيّة التي صاحبتهم، وقد سكن نزرٌ من الحماديين في الحصين، التي دعوها كذلك نسبة إلى شكلها الجغرافي المحصن تحصيناً طبيعياً (تصغير حصن)، وقد سكن مع الحماديين فرع من أُسرة ناصر الشيعيّة، وعرف حماديو الحصين ببني حيدر، نسبة إلى أحدهم الذي كان يدعى حيدرا، ومن هذه الأسرة تفرَّع بنو ناصيف، ابي محمد، ومرعي، وقبلان، وأحمد.

وبينما كان الشيعة يخلون المنطقة بعدما أصبحت إقطاعاً للمشايخ الدحداحة الموارنة، بقيّ أبناء الحصين في قريتهم، وعايشوا جيرانهم الموارنة بكل تفاهم وآخاء، وما زالت تلك الروح مسيطرة حتى إنقضت المفاهيم الطائفيّة القديمة وحلّت مكانها الوطنيّة الصرفة، وها هي الحصين متحدة مع مجتمع الفتوح خير إتحاد (2).

والإشكال على الأستاذ مفرّج هو ما أورده عن آل ناصر وعدم إنتمائهم للعشائر الحماديّة.

وفي لقاء سابق مع سعادة السفير المرحوم حكمت حمود ناصر أخبرني: أن آل ناصر هم أبناء عم آل حماده وكان بينه وبين المرحوم صبري بك حمادة رئيس مجلس النواب اللبنانيّ الراحل صداقة رحميّة حميمة وعندما أراد ترميم منزل المرحوم والده حمود أفندي ناصر في الحصين وجد في خزانته صكوكاً وقفيّة لآل حمادة قد وقفها الأسلاف من آل حمادة على وجوه البرِّ والإحسان للطائفة الإسلاميّة الشيعيّة..

وهذه الأراضي تقع على الساحل اللبناني ما بين طرابلس شمالاً ونهر الكلب جنوباً وقد قام بتقديم تلك الصكوك للمرحوم صبري بك حمادة بصفته المرجعيّة الأولى للعشائر الحماديّة في البقاع وبلاد جبيل وكسروان وشمال لبنان وكان ذلك بعد وفاة المرحوم والده بمدة غير قليلة. 

ولكن صبري بك حمادة وضع تلك الصكوك في عالم النسيان والإهمال إسوةً بباقي المستندات للأوقاف الخيريّة لآل حمادة في الفتوح وبلاد جبيل وشمال لبنان.

رئيس التحرير.