الشيخ إسماعيل حمادة

18/1/2013
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

للمؤرخ الدكتور سعدون تنال حمادة

الشيخ إسماعيل بن حسين حمادة (المتوفى عام 1745م)

هو الشيخ إسماعيل بن حسين بن سرحان حمادة الذي أصبح كبير الحماديين، «وصاحب السمية» بعد مقتل والده في إحدى المعارك مع العثمانيين سنة 1692م، حيث قتل مع ابن أخته حسن ديب وسبعة من الحماديّة الآخرين بين قمهز ولاسا، وبدأت شهرته بعد أن داهم العثمانيين بعدد قليل من مقاتليه وثأر لأبيه في معركة عين قبعل في الفتوح ملحقاً بهم هزيمة قاسية(2).

الشيخ إسماعيل بن حسين حمادة

يقول عنه القنصل الفرنسي المعاصر له في تقرير رسمي مرفوع لحكومته:«إسماعيل الشيخ الرئيس الآخر للحماديين الذي هو سيّد البلاد الواقعة بين بيروت وطرابلس والذي جعل مقرَّه في مدينة جبيل»(3).

كانت البلاد «شراكة» له ولإخوته إبراهيم وعيسى في أيام أبيه فلما توفي، قسموها بينهم؛ فأخذ الإخوة بلاد البترون وكانت حصته بلاد جبيل ووادي علمات وفتوح كسروان وجبة المنيطرة «وسمية بيت حمادة تبعه» أي خاصة له تدفع ميرتهم ويدفع نفع السمية»(4).

ثُمّ نقل مقره من إيليج حيث كان أبوه؛ بسبب قربها من الدولة وسواحل البحر. وعمرَّ سرايا في قرية لاسا في جبة المنيطرة وسكنها،»فاشتدَّ بأسه في كامل المقاطعات وصارت تهابه، كافة حكامها. وبقي أمره نافذاً إلى حد حلب من خوف النّاس منه»(5). «ومن أَجلِّ الحماديين ومن أبعدهم شُهرةً الشيخ إسماعيل بن حسين بن سرحان حمادة، الذي تولى بعد أبيه وجده بلاد جبيل ووادي علمات وجبة المنيطرة والفتوح. وجعل مركز إقامته في قرية لاسا، حيث بنى له داراً لا تزال أنقاضها بارزة إلى اليوم.

وقد تحوّل بعضها كنيسة صغيرة للمسيحيين على إسم «سيدة قبعل» أيام السعيد الذكر المطران يوحنا مراد مطران بعلبك(6). كذلك الجامع الذي بناه في يحشوش حُوِّلّ إلى كنيسة بإسم مار سمعان بعد التهجير(7).

واشتدت شوكة بيت حمادة وصار لهم جايز نفوذ على كافة المقاطعات وأخذوا في الكورة والزاوية مزارع وأرزاقاً بقيت بكليكاً إلى يومنا هذا(8). وخلف الشيخ إسماعيل ثلاثة أولاد هم عبد السلام وعبد الملك وأبو النصر استقاموا في طاعة والدهم واشتدت شوكتهم وتعاظمت دولتهم وصاروا ملجأ للهادي والغادي، وإمتدَّ جايزهم لحد بلاد بعلبك وأخذوا شمسطار بكليكاً لهم واستقام الحال معهم سنين، وبعد وفاة أبيهم إقتفوا آثاره وتملكوا مكانه(9).

ويقول الخوري بولس روحانا:

«اشتهر الشيخ إسماعيل حمادة بالعدل والإنصاف وكان يقيم غالباً في ميفوق ووهب لدير السيدة أملاكاً كثيرة فيها. ويروى بالتقليد أنّه استغاث بها(بالسيدة العذراء) مرة إذ أحدق به أعداؤه وكاد يسقط بين أيديهم، فأنزلت عمود غمام حجبه عن أنظارهم فنجا من شرهم وأوقف لها وقتئذ السهلة المعروفة إلى اليوم بسهلة كرم الشيخ وموقعها بين حدتون وميفوق(10).

 

ومن مآثره المشهورة أنّه كان إذا أذنب أحد الفلاحين حبسه في بيت المؤونة، ولما سئل عن ذلك أجاب: «إنّ معاش الحكام هو من تعب الفلاح لذلك يجب أن نمزج له القساوة بالرأفة»(11).

الشيخ سرحان بن قانصَوه

بدأ إسماعيل حياته العمليّة وهو فتى في حياة جده المشهور سرحان بن قانصوه.

وقتل والده حسين 1692م. بعد سنوات قليلة من وفاة جده 1686م. الذي تمشيخ على بني حمادة بعد وفاة شقيقه علي 20 شوّال 1641م(12). وأمضى أكثر سنوات حكمه في معارك شبه متواصلة مع العثمانيين. وهو الذي لجأ إليه المعنيون والشهابيون « في حركة أولاد العرب»، وكان شيخاً على المنيطرة منذ 1638م. فتكون المدة الواقعة بين مشيخة سرحال ووفاة إسماعيل تفوق قرناً كاملاً من الزمن استمرا يحكمان خلاله بلا إنقطاع رغم الصراع مع الباشوات الذي لم ينقطع أبداً(13).

والغالب أنّه توفي في مستهل المواجهة العامة التي إبتدأت 1685م. واستمرت حتى سنة 1700م. وتولى بعد سرحان ولده حسين الذي سقط في المواجهات سنة 1692م.