صفحات من ماضي وحاضر علماء الشيعة في بلاد جبيل وكسروان

20/4/2013
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

 (الحلقة الخامسة)

إعداد: هيئة التحرير

كان لصدور كتاب «صفحات من ماضي الشيعة وحاضرهم في لبنان»عن دار المحجّة البيضاء ـ حارة حريك، للقاضي الشيخ الدكتور يوسف محمد عمرو وكتابه الآخر وهو:«علماء عرَفتهم» عن الدار الآنفة الذكر في أوائل عام 2006م. الأثر الطيب عند طلاب المعرفة والتحقيق عن تاريخ الشيعة في لبنان حيث اتخذهما بعض أهل العلم مصدراً ومرجعاً لبعض دراساتهم وبحوثهم. غير أنّ الأسئلة كانت توجه إلينا طالبة المزيد من البحوث عن ماضي وحاضر علماء الشيعة في بلاد جبيل وكسروان في القرون الماضيّة من أبناءِ المنطقة أو من الّذين حلّوا في رحابها بناء على طلب أبنائها. أو المزيد من التحقيق والبحوث حول تاريخها لذلك تكلّمنا في العدد الثالث من هذه المجلة الصادر في نيسان (ابريل) 2011م. عن العلاّمة:[«الشيخ حسن همدر{ شيخ الطائفة الشيعيّة في جبل لبنان(من عام 1845 ولغاية عام 1881م) وذلك البحث كان مأخوذاً من كتابنا «صفحات من ماضي وحاضر الشيعة في لبنان» الآنف الذكر. كما أجرينا في عدد المجلة مقابلة مع إمام بلدة مشّان في عام 1972 العلاّمة الشيخ عبد الرسول حجازي وعن ذكرياته وعمله التبليغيّ في مشّان وقرى وادي علمات ومدينة عمشيت حيث زودنا بوثيقتين صادرتين عن الإمام السيّد أبو القاسم الخوئيّ{ وعن الإمام الشهيد السيّد محمد باقر الصدر{، في التاريخ الآنف الذكر موجهتين لأهالي بلدة مشّان تبارك إختيارهما للعلاّمة حجازي.

كما تحدّثنا أيضاً عن الشيخ علي شمص وهجرته إلى الشرق من خلال حديث أجريناه مع حفيده أمين صندوق بلدية مشّان الحاج محسن الأمين حيدر شمص في العدد الثاني من هذه المجلة الصادر في كانون الثاني(يناير) 2011م. وعن تأسيسه لمسجد وحسينيّة الإمام زين العابدينQ في منطقة جبل قاسيون من ضواحي دمشق.

والحلقة الرابعة كانت مأخوذة من كتاب «حياة آية الله الشيخ إبراهيم سليمان{، حيث كتبنا عن ذكرياته M، عن علمات وبلاد جبيل عام 1946م. في العدد الثامن الصادر في أوّل تشرين الأوّل (أكتوبر) 2012م.

والحلقة الخامسة هي عن صاحب ورئيس تحرير هذه المجلة أُخذت عن كتاب:«تاريخ القزويني في تراجم المنسيين والمعروفين من أعلام العراق وغيرهم» (1900 ـ 2000) للعلاّمة الدكتور جودّت القزوينيّ المجلد 30 من الصفحة 380 ولغاية الصفحة 385. ونحن نأمل إن شاء الله تعالى إكمال باقي هذه الحلقات في الأعداد التاليّة بالتعاون مع أهل العلم والبحث والتحقيق.

الشيخ يوسف محمد عمرو

للدكتور جودت القزوينيّ

الشيخ يوسف بن الحاج محمد بن جعفر آل الشيخ أحمد الميسي الوائلي.

ولد بالمعيصرة منطقة الفتوح، قضاء كسروان يوم الثلاثاء 10 ذي القعدة 1367هـ. 14 أيلول 1948م. ودرس الدراسة الرسميّة، فأنهى مراحلها الثلاث. كما درس بعدها العلوم التجاريّة وحصل على شهادتها.

وكان منذ نشأته قد تأثّر بالبيئة العلميّة التي تزدهر بها مناطق لبنان، بوجود علماء كبار منتشرين في جميع قراها ومدنها. فجمع بين الدراسة الرسميّة والخاصة حيث تتلمذ على جملة من مشايخ لبنان أمثال الشيخ عبد الكريم شمس الدين. وانتظم سنة 1387هـ 1967م. بالمعهد الشرعي الذي أسسه السيّد محمد حسين فضل الله في بيروت «الشرقيّة». فحضر المقدّمات على الشيخ عبد المنعم مهنّا والسيّد فضل الله.

بعدها وجدَ نفسه مُهيّأً للهجرة إلى مدينة العلم والأدب، النّجف الأشرف، فشدَّ رحاله إليها سنة 1391هـ/1971م وحضر على أساتذة أفاضل في مرحلة السطوح، منهم السيّد جمال الخوئي، والسيّد محمد جواد فضل الله والشيخ يوسف الفقيه والسيد علي مكي العامليّ، والسيّد محمد سعيد الحكيم، والشيخ مفيد الفقيه، والسيّد محمد مهدي الخرسان والسيّد علاء بحر العلوم والسيّد كاظم الحائريّ.

وفي الدروس العاليّة حضر على يد الإمام السيّد أبو القاسم الخوئي والسيّد محمد باقر الصدر، والسيّد نصر الله المستنبط.

وبعد عودته إلى لبنان سنة 1398هـ / 1978م (بسبب الهجمة العنيفة التي قامت بها السلطة العراقيّة للفتك بعلماء النّجف)، انغمس بالنشاط الدينيّ والإجتماعيّ، ولم يتخلَّ عن الدراسة والتدريس في آنٍ واحد. حيث دأب على حضور دروس الفقه للسيّد محمد حسين فضل الله.

وفي عام 1404هـ/1984م، تصدّى للقضاء الشرعيّ الجعفريّ بعد استشارته للسيّد عبد الرؤوف فضل الله. فمارس عمله في جبيل وكسروان ثُمّ في طرابلس والهرمل، ومرجعيون.

وللشيخ يوسف عمرو نشاط إجتماعيّ واسع، وخدمات ثقافيّة جلّى، ظهرت من خلال تأسيس بعض النشاطات ومشاركته فيها. ومن تلك النشاطات:

1 ـ توليه رئاسة «الجمعيّة العائليّة للأعمال الخيريّة لعائلة آل عمرو بالمعيصرة»، (فتوح كسروان).

2ـ تأسيسه «المؤسسة الخيريّة الإسلاميّة» لأبناء جبيل وكسروان.

3ـ تأسيسه «جمعية زهرة البقاع الخيريّة الإسلاميّة» بمنطقة علي النهري، رياق.

4ـ مشاركته في تأسيس «تجمّع العلماء المسلمين في لبنان».

5ـ تأسيسه «الرابطة الثقافيّة في جبيل».

6ـ مشاركته في تأسيس «اللقاء الإسلاميّ الثقافيّ» حارة حريك.

ومضافاً لذلك فقد نال عضويّة: إتحاد الكتّاب اللبنانيين، واتحاد الكتّاب العرب، والإتحاد العالميّ للمؤلفين باللغة العربيّة خارج الوطن العربي، وعضو شرف في «المجمع العالميّ لنهج البلاغة».

وللشيخ يوسف حضور بارز في المحافل الخاصة والعامّة، ساهم بإدارته للندوات، كما شارك في المؤتمرات الثقافيّة داخل لبنان وخارجه.

وله علاقات واسعة بطبقات المجتمع اللبنانيّ عامّة، وصلات مبنيّة على المودّة والثقة.

وقد قدّم لبعض مؤلفاته الرئيس اللبناني شارل حلو، والمطران جورج صليبا، والمونسنيور جوزف مرهج، وغيرهم من الأسماء اللامعة.

وممّا ينفردُ به إهتمامه بالكيان الشيعيّ بمنطقة جبيل وكسروان، والسعي لتحسين الأوضاع الثقافيّة والإجتماعيّة والصحيّة للمنطقة.

ومن مشاريعه بناء بعض المساجد ودور الأيتام والمساهمة بتأسيس مدارس ابتدائيّة ومستوصف صحّي لعلاج الحالات المرضيّة الأوليّة.

مضافاً إلى إصداره مؤخراً مجلّة «إطلالة جُبيليّة»، صدر عددها الأوّل في شهر رمضان 1431هـ / أيلول 2010م، وهي ملفٌ ضخم يسلّط الضوء على تاريخ جبيل وكسروان، وفيها من التراجم لكثير من الشخصيّات المنسيّة، والنوادر التاريخيّة التي عفا عليها الزمن.

ومن خلال الجهود التي بذلها الشيخ يوسف عمرو، تظهر موهبتُه في التدوين التاريخيّ، وطريقته في التوثيق، من خلال الصور، والأحداث، ومتابعة الملتقطات، واستنطاق الآثار، وما تحكيه أو تكتمه من أسرار.

إنّ الشيخ يوسف عمرو كما عرفتُه، من الشخصيّات النادرة الثمينة التي قلّما يجود بأمثالها الزمن.

رجلٌ وادعٌ أليف، مملوء بالحياء الفطري والأدب، أحبّهُ كلُّ مَنْ عرفه، وانبهرَ بأخلاقه وقيمه كلُّ مَنْ سايره وماشاه.

وهو رجلٌ مضياف لا يمرُّ يومٌ إلاّ وأبواب دارته مفتّحة للزائرين.

وقد وثقَ به العلماء وأكبروا جهوده وجهاده.

وكم كانت معه لقاءات في داره ببيروت وجبيل، حيث اطلعنا على الآثار التي سطّرها بإصلاح المساجد، وإعمار المراكز. كلُّ ذلك بذوق رفيع، ونظام راقٍ، يكشف عن العمق الروحي الشفّاف الذي يمتاز به هذا الرجل الفذّ.

ومن صفاته أنّه لا يمرُّ عليه حادث إلاّ دوَّنه، ولا سمع بواقعة أو قصّة إلاّ سجلّها، واستغرق فيها.

وهو ودودٌ وفيٌّ لا ينسى أصدقاءه وأقرانه، أو ممّن يتعرّف اليهم من الشخصيّات على مختلف مشاربهم ومذاقهم، مهما كانت اتجاهاتهم وأفكارهم ومللهم ونحلهم. حتى أصبح معلماً من معالم التسامح الدينيّ، ومحطة من محطات الفضيلة والنقاء التي لا يختلف في تقويمها واحدٌ من عارفيه.

ومن غرائب الصدف انني كتبتُ ابياتاً من الشعر تحيّة للشيخ يوسف عمرو، ووضعتُّها في «مظروف» لغرض إيصالها إليه.

وفي ساعة مبكرَّة من صباح اليوم التالي، جاءني مَنْ يحملُ إليَّ رسالة من الشيخ عمرو، ولمّا أطّلعتُ عليها وجدتُ بداخلها إجازة رواية، كتبها لي الشيخ عمرو، عن مشايخه الثقاة، فأكبرتُ صنيعَهُ، وأعطيتُ القصيدة التي نظمتُها فيه ليوصلها إليه، وقد عجبتُ من هذا الإتفاق.

وبعد ساعة من الزمن إتصل بي الشيخ يوسف، بعدما قرأ القصيدة، وشكرني عليها، وقال: هذه تعادل عندي شهادة دكتوراه، أو هي دكتوراه ثانية.

وكان الشيخ يوسف عمرو قد حصل عام 2006م. على دكتوراه «الإبداع في فقه القضاء واليراع» من الإتحاد العالميّ للمؤلفين باللغة العربيّة خارج الوطن العربي.

وهذا هو نصّ قصيدتي فيه:

فقيه القضاة

إلى شيخنا المعظّم صاحب

الخُلق الرضيّ العلاّمة العلم

الشيخ يوسف عمرو أدامه الله ورعاه.

إلى شيخنا «يوسف» المستطاب

فقيهِ القضاةِ الخبيرِ العَلمْ

أُسيّرُ من قبس النيّرات

تحايا تفيضُ بأحلى نَغَمْ

فتىً كلُّ أعماله نفحةٌ

يعطّرُها الوردُ لمّا انسجم

ولا غروَ إنْ لاحَ نوراً فقد

تنزًّه في أفقه فانتظم

إذا جئتَهُ كنسيم الصفا

أزالَ العنا، وأزال الغُمم

وليس بميدانه غيرُ ما

تفيضُ به مجرياتُ الحِكم

فمِن آل «عمرو» تزكّى وطابَ

واصبح أعجوبةً للأمم

تسامى بأخلاقهِ بيننا

فكانَ الإباءَ، وكانَ الشَمَم

ولا عجبٌ إنْ هَوَتْهُ القلوب

فقد أودع اللهُ فيه القيم

فلم تعرفِ الـ (لا) يوماً شفاهُ

ولكنْ تُردّدُ لفظَ الـ (نعم)

سلامٌ عليكَ خدينَ الوفا

وصنوَ الكمال، وأصلَ الكرم

مؤلفاته:

للشيخ عمرو مؤلفات كثيرة، ناهزت الأربعين كتاباً منها:

1ـ أبو تراب، طُبع خمس طبعات.

2ـ فاطمة الزهراء وقصائد أخرى، 1977.

3ـ المدخل إلى أصول الفقه الجعفريّ، 1981.

4ـ أضواء على المسلمين في بلاد جبيل وكسروان، بالإشتراك مع الدكتور أحمد محمود سويدان، 1978.

5ـ دعبل بن عليّ الخزاعيّ، مسرحيّة، 2002.

6ـ المسيح الموعود والمهديّ المنتظر.

7ـ الموجز في علميّ الدرايّة والحديث 2001.

8ـ الوحدة الإسلاميّة في مواجهة التحديات 2004.

9ـ التذكرة أو مذكرات قاضٍ، ثلاثة أجزاء، 2004م.

10ـ المدخل إلى علم الحديث، 2006.

11ـ صفحات من ماضي الشيعة وحاضرهم في لبنان، 2006.

12ـ علماء عرَفتهم، 2006.

13ـ المهدي المُنتظر بين الحقيقة والخيال، 2006.